28 بطلاً عالمياً في التزلُّج على الجليد، اجتمعوا في مجمع «بيال» على وقع أغنيات الـ ABBA. والفرقة السويدية انتزعت البطولة المطلقة في عرض لا يخلو من الإبهار والاستعراض
سناء الخوري
يتقلّب البهلوان على أقمشته بين السقف والجليد، ثمّ يرمي جسده فجأة إلى الأسفل. يعلو الصراخ، لكنّ العفريت لا يهوي، بل يبقى متشبّثاً بالكتّان الأبيض... اعتقدت العيون الشاخصة نحوه أنّ عرضه الانتحاري هذا هو قمة المتعة، إلى أن احتلت الفرقة الموسيقيّة مكانها على المسرح، وتفجّرت الأضواء على أنغام Mamma Mia.
28 بطلاً عالمياً في التزلُّج الفنّي على الجليد، سرت في أجسادهم قشعريرة الإيقاع. هنا، فوق الحلبة الجليديّة (600 متر مربع) في «بيال» (وسط بيروت)، أدّت فرقة Champions on Ice العالميّة عرض «!Mamma Mia على الجليد».

انطلق العرض من لبنان وسينتقل لاحقاً إلى دول المنطقة
العمل اقتباسٌ للمسرحيّة الغنائيّة التي تحمل العنوان نفسه. بطلب من المنتجة البريطانيّة جودي كرايمر، ألّف بيورن إليفاوس وبيني أندرسن، نجما ABBA عملاً مسرحياً غنائياً متكاملاً، مستوحى من أغنيات طبعت السنوات الذهبيّة للديسكو والبوب الأوروبي، وقدّمتها الفرقة السويديّة في ألبومات Waterloo (1974) وABBA (1975) وArrival (1976) و The Album (1977) وVoulez-Vous (1979) و Super Trouper (1980) . لم يرَ المشروع النور إلا عام 1999حين مسرحت كاثرين جونسون الأغنيات، وانطلقت عروضها في «ويست أند ــــ مسرح الأمير إدوارد» (لندن) لتنتقل لاحقاً إلى «برودواي» وإلى مسارح استعراضيّة أخرى حول العالم، حيث ما زالت تجول إلى الآن.
أما النسخة السينمائية التي حملت توقيع فيليدا لويد فحطّمت الأرقام القياسيّة على شباك التذاكر الصيف الماضي، مع أداء ميريل ستريب الرهيب. الفيلم أعاد إلى الأذهان الألحان الجميلة، وشجّع سيرجيو كانوفاس ليقتبس بدوره نسخة من !Mamma Mia خصيصاً للحلبة الجليدية. صمّم هذا المخرج الإسباني منذ 2006 مقطتفات من «مولان روج» و«كارمن» مع فرقة Champions On Ice العريقة، وقدّمها في مناسبات متفرّقة. هنا، ينجز الرجل القادم من دراسة الحقوق أوّل عرض غنائي كامل على الجليد في مسيرته، وقد انطلقت عروضه العالميّة من العاصمة اللبنانيّة بمبادرة من شركة A+ Entertainment، وستنتقل لاحقاً إلى دول المنطقة والعالم. يخبرنا كانوفاس كم «كان صعباً نقل اللوحات الراقصة إلى الجليد. أمام غياب الحوار تقريباً، وضعنا شاشة كبيرة لمساعدة الجمهور على تحديد الأمكنة وتسلسل الأحداث». مصممة الرقص لاورا سييركو تلفتنا إلى صعوبة أخرى تمثّلت في «دفع الرياضيين للتصرّف على الحلبة كممثلين».
نجح الأبطال في المهمّة الممتدة على طول فصلين. على أنغام I Have a dream، ترسل صوفي رسائل إلى سام وبيل وهاري، ثلاثة من عشّاق والدتها السابقين تدعوهم إلى زفافها على أمل أن تجد بينهم والداً يرافقها إلى الكنيسة. في خلفيّة الحلبة، مجسّم لمنزل البطلة دونا التي تستقبل اثنتين من صديقات طفولتها.
خطوة، اثنتان، وها هي تأخذ الحلبة، بزيّها الأزرق على أنغام !Money! Money! Money. شعرٌ أحمر ولمسة فريدة يوحيان بالألفة: إنّها مارينا أنيسينا (33 عاماً) تؤدّي دونا. حازت هذه المتزلّجة مع رفيقها غويندال بايزورا، بطولة العالم في «سالت لايك» عام 2002. هناك توّج الثنائي الفرنسي الشهير مسيرةً جعلته صاحب مدرسة خاصّة في فئته. البطلة الروسيّة ـــــ الفرنسيّة المتقاعدة تستمتع هذه الأيام برمال شاطئ بيروت، كما أخبرتنا. إلى جانبها في «!Mamma Mia على الجليد» نرى سوريا بونالي (35 عاماً)، بطلة فرنسا وأوروبا أكثر من مرّة، إضافةً إلى متزلجين محترفين آخرين من إسبانيا والولايات المتحدة...
أدّى الفريق لوحات جماعيّة متناغمة، كان فيها الإبهار الاستعراضي كاملاً. في الوصلات الثنائيّة ــــ أتت أحياناً خارج السياق ــــ استعرض الرياضيون تقنيّاتهم الاحترافيّة العالية التي طغت على الأداء المسرحي المبسّط. يمكن القول إنّ الحبكة كلّها مثّلت حجّة للوحات مبهرة على أنغام S.O.S وDancing Queen وDoes your Mother Know (بصوت ماري إيزابيل رودريغز). فتارةً تتحلّق المجموعة لتكوّن حلقة دائريّة على شكل نجمة، وطوراً يتوزّعون في أرجاء الحلبة مع حركات بهلوانيّة تمنعك من إشاحة نظرك بعيداً عنهم.
ضاعف انقطاع التيّار الكهربائي المفاجئ عثرات العرض الأوّل، من دون أن يقلِّل جرعات الترفيه المطلقة في العروض اللاحقة، وخصوصاً حين تتدلّى كرة الديسكو من السقف. حينها، تنبعث الأضواء في أرجاء الحلبة، وتنساب معها حركة المجموعة الدائريّة بتنانيرها الملوّنة. لم يخطف الأبطال العالميّون الأنظار بما فيه الكفاية. وحدها أغنيات ABBA انتزعت البطولة المطلقة، خرقت جدار الصوت وحفرت مكاناً لها في الرأس.


حتى 8 آب (أغسطس) المقبل ــ «بيال» (وسط بيروت) ـ للاستعلام: 01/999666