أعمال ثانويّة لبيكاسو وشاغال وسيسلي... في الواجهة، وخلفها تجارب معاصرة، متفاوتة المستوى، تستضيفها بيروت كي تحلم أنّها تشبه دبي، ولو قليلاً!
سناء الخوري
لا شيء ينقص وسط بيروت ليستضيف ـــــ تماماً كباريس ولندن ونيويورك ـــــ لوحاتٍ لبيكاسو وشاغال وسيسلي ودوبوفيه. بعض لوحات بتوقيع هؤلاء المعلّمين حطّت أخيراً في «غاليري بياس أونيك» (الصيفي) بمبادرة من صالة «أوبرا غاليري» العالميّة، ضمن معرض «أوبرا غاليري توقظ أحاسيسك في بيروت».
«أردنا إعادة بيروت إلى الساحة الدوليّة... نريد أن يرى الجميع كم هذه المدينة سكسي ومرحة ومتحررة ومغناجة». التصريح هو لبرتران إيبو مدير «أوبرا غاليري ـــــ دبي» ومنسّق المعرض. الصالة المتعدّدة الجنسيّات (11 فرعاً في العالم)، تعرض لـ 300 فنّان، أبرزهم بيكاسو ودالي وغوغان وشاغال، وبينهم معاصرون من أوروبا والشرق الأقصى وأميركا اللاتينيّة من مختلف المدارس الفنيّة... وصولاً إلى المفروشات أيضاً.

«استثمار مضمون» في زمن الأزمة العالميّة
تستقبلك الصالة على موقعها الإلكتروني بقول لبيكاسو: «لا تحيا اللوحة إلّا في عيون من يقتنيها». وبحثاً عن هؤلاء «المقتنين» في لبنان، قرّر فرع دبي نقل 40 عملاً إلى «الوسط التجاري» لبيروت، بالتعاون مع «سوليدير». هناك، بين الأبنية الأنيقة، يلاقيك عند المدخل تمثال Blue Dog (مينا على ألومينيوم) للبرازيلي روميرو بريتو (1963) الذي يجمع بين «البوب آرت» والغرافيتي والمدرسة التكعيبيّة. على يسار الصالة الأساسيّة في Pièce Unique، لوحة لألفرد سيسلي، أحد معلّمي المدرسة الانطباعيّة، بعنوان «على امتداد الغابة ذات خريف» (1885). هذا العمل الزيتي هو الأثمن في المجموعة، إذ تبلغ قيمته مليوناً ونصف مليون دولار أميركي. بموازاته، ينتصب تنين مصنوع من عجلات السيارات وقّعه يي يونغ هو (1978)، التشكيلي الكوري صاحب الاختصاص في صنع مخلوقات عجيبة من الإطارات. على الحائط المقابل، تحتلّ مارلين مونرو بثوبها الأبيض الشفاف الخلفيّة الورديّة المزركشة للوحة الصيني زو ينغشاو (1951). على الحائط المقابل، نرى «كوكب الشرق» بألوان الأكريليك والبوب للتشكيلي السويسري من أصل يوناني ستيليو ديامانتوبولوس (1967). في زاوية قريبة، يفاجئك تمثال «كوسمونوتي» الوردي، المصنوع من السيليكون والفيبرغلاس والأكريليك، للبريطاني كولين كريستن (1964) المشهور بتماثيله الإيروتيكيّة. وفجأة يقع الزائر على ثلاث لوحات من الحجم الصغير: «الفارس» لبيكاسو «الصبي على الحصان» لبوتيرو، وعمل لشاغال يندرج ضمن مجموعة تصاميم لأزياء باليه «القرصان».
هذا الخليط من الأساليب والمدارس المتباعدة ـــــ المتضاربة أحياناً ـــــ ليس ما يجمع بينها غير فكرة البيع. يظن نفسه لوهلة في سوبر ماركت فنّي فخم، أقرب إلى صالة عرض مفروشات، في غياب أي تيمة أو توجّه يجمع كلّ هذه السلع الثمينة. «خيار متعمّد» يجيبك برتران إيبو، هكذا «تلتقط كلّ عين اللوحة التي تجذبها وسط هذا الكمّ من الأشكال والألوان». هذا التاجر متأكّد، بالخبرة، من أنّ «أعمال المعلّمين تجد دائماً زبائن»، رغم الأزمة الماليّة العالميّة: «إنّها استثمار مضمون لا يفقد قيمته أبداً».
ونتساءل: هذه المبادرة التجاريّة، وما رافقها من ضجّة في الإعلام، أي دور إيجابي يمكن أن تلعبه على مستوى الحركة الثقافيّة أو الفنيّة (أو حتى الاقتصاديّة) في بيروت؟ هل هذا «الاقتحام» للسوق المحليّة بادّعاءات عالميّة وأسعار خيالية، له تأثير سلبي على نشاط الصالات اللبنانيّة؟ يطمئننا صالح بركات صاحب «غاليري أجيال»: «جمهور الفنّ اللبناني والعربي أو الهواة، لا علاقة لهم بزبائن تلك الغاليري العالميّة».
في كل الأحوال، ليس بيكاسو وشاغال وسيسلي إلا الواجهة في Pièce Unique، فـ«بضاعة» «أوبرا غاليري» الحقيقية غنيّة بعشرات الأعمال المعاصرة والما بعد حديثة لفنانين راهنين عبر العالم. هنا الاكتشافات المدهشة واردة، بانتظار أن تتحقّق أمنية برتران إيبو بـ«إعادة بيروت إلى الساحة الدوليّة»...


حتى 31 تموز (يوليو) الجاري ـــــ غاليري Pièce Unique (وسط بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/975655