وسام كنعاناستطاعت «المشرق» أن تبني لنفسها هويةً تختلف عن هوية الإعلام السوري بوجهيه الرسمي والخاص. إذ ألّفت فريق عمل من الشباب وحاولت التميّز ببرامج تختلف عن المحطات العربية من حيث أسلوب الطرح على الأقل. لكنّ القناة الجديدة بدأت تثير الزوبعة تلو الأخرى. فمن جهة، تكشف بعض المقالات عن نيّة رئيس تحرير المحطة غسان عبود تصفية العمل في سوريا، وإغلاق مكتب دمشق الذي يتولى إنتاج كل برامج المحطة. فيما تصدر القناة بيانات تؤكد فيها عكس ذلك، بل تُعلن عن دورة برامجية رمضانية خاصة، وتستعد لعرض أعمال درامية سورية، بهدف دعم هذه الصناعة.
منذ فترة، لم تمرّ افتتاحية موقع المحطة الإلكتروني مرور الكرام. إذ تناول غسّان عبود المؤسسات الرسمية والنخب الإعلامية والسياسية السورية بالنقد اللاذع... ما تركَ فرصة لتخمين بعضهم، بأنّ صاحب المقال يدفع السلطة إلى إغلاق مكتب دمشق كي يظهر بصورة البطل. وهذا ما حصل فعلاً. إذ تناقلت وكالات الأنباء خبراً أول من أمس عن اقتحام عناصر من الأمن مكتب المحطة في دمشق بعد صدور قرار بإغلاق القناة. كما أبلغوا مدير المكتب ومدير إدارة الإنتاج، بمراجعة الجهات الأمنية، إضافة إلى استدعاء عدد من الموظفين للتحقيق. ويأتي ذلك بعد إيقاف فريق عمل المحطة في سوق الصالحية في دمشق ومنعهم من التصوير بحجة عدم حصولهم على إذن بالتصوير. وفي اتصال مع «الأخبار»، صرّح مدير إدارة الإنتاج في «المشرق» محمد رامي الجندي أنّ «ما حصل أمر طبيعي لا يحمل أي أبعاد كبيرة تحرص بعض الجهات الإعلامية على أن تحمّلها للموضوع». وأضاف أنه تم فعلاً إغلاق مكتب المحطة لأيام معدودة لن تتجاوز أصابع اليد الواحدة، بسبب رغبة الجهات المعنية بأن تحصل المحطة على تراخيص كاملة في ما يخص مكتب القناة. وهو الأمر الذي يعتبره الجندي طبيعياً: «سيتم الحصول على كل تلك التراخيص من وزارة الإعلام السورية، لأنّنا نعمل حتى الآن على أساس ترخيص شركة إنتاج فني».
وعن استدعائه للتحقيق مع مجموعة موظفين على رأسهم مدير المكتب، أجاب الجندي بأنّه «تم استدعائي فقط لإطلاعي على الإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على الترخيص وإعادة فتح القناة، وأتمنى مرة أخرى ألا يهوّل الإعلام في هذا الموضوع».
وكانت «المشرق» قد وفّرت على نفسها عناء الدخول في أروقة وزارة الإعلام السورية للحصول على ترخيص للمحطة بالكامل، ظناً منها أنّ رخصة البث من دبي التي حصلت عليها، ستعطيها هامشاً أكبر من الحرية وبأنّ مكتب دمشق الذي يمثّل المحرك الأساسي للمحطة، لن يخضع بهذه الطريقة لقبضة الرقيب السوري الحديدية. لكن يبدو أنّ العمل الإعلامي في سوريا سيظل محفوفاً بالمخاطر ومهدداً بالوصول إلى طريق مسدود.