يا نساء العرب والعالم التحقن بـ«نسيان.com»زينب مرعي
تروي أحلام مستغانمي، حصرياً، لمعشر النساء، قصصاً لإطاحة شهريار في كتابها الجديد «نسيان.Com» (دار الآداب). العمل هو الأول في «رباعيّة الحب» التي ستنجزها الكاتبة الجزائرية تباعاً، بدأتها بكتاب النسيان وتستتبعه بكتاب الفراق، لتكوني بعد ذلك، سيّدتي، محصّنة للدخول في الحب. الكتاب ليس موجّهاً ضدّ الرجل ـــــ مع أنّ الكاتبة حظرت بيعه له على الغلاف ـــــ بل هو موجّه ضدّ ما آل إليه معظم الرجال. أمّا «الرجل الحقيقي» الذي يندر وجوده في أيامنا ـــــ برأي صاحبة «ذاكرة الجسد» ـــــ فهو مرحّب به ومعفى من الاتهامات التي تطاول الرجال الآخرين في الكتاب.
«نسيان.com» ليس رواية جديدة لمستغانمي، لكنّه عدّة النسيان التي تهديكِ إياها الكاتبة أيتها القارئة. هو عبارة عن وصفات ونصائح للنسيان، مرفقة بقرص مدمج CD «أيها النسيان هبني قبلتك» لجاهدة وهبه (راجع المقال أدناه)، تغنّي فيه مقاطع أو أشعاراً من الكتاب... بما أنّ إحدى نصائح الكاتبة، خلال هذه الفترة، أن تبتعدي عن أغاني الحب والغرام والفراق التي تعيد إليك الحنين، وتستمعي إلى ما يرفع معنوياتك كالأغاني التي أعدّتها جاهدة وهبه، أو «مش فارقة معاي» لفيروز، مثلاً. كما أطلقت مستغانمي موقعاً إلكترونياً www.nessyane.com لتنضمي إلى «حزب النسيان».

صنّفتها مجلّة Arabian Business من بين أهمّ مئة شخصيّة عربية
هكذا، تعدّك صاحبة «فوضى الحواس» لنسيان مَن هجركِ، نسيكِ، توقّف فجأة عن الردّ على اتصالاتك، من لا يقدِّر ما تفعلينه لأجله، ومَن كسر قلبك بكلامه الجارح... يبقى عليك بالدرجة الأولى ألا تكوني «غبيّة» أو «مهبولة» بحسب الكاتبة، أو مازوشيّة بتعبير أدقّ. عليكِ أن تأخذي النصائح التي تقدّمها مستغانمي بأسلوب ساخر، بجدّية كبيرة وأن تتّعظي من القصص والحالات التي ترويها لك، ولا تقعي في الخطأ نفسه مرّتين. آخر ما تتمناه مستغانمي هو أن تمضي وقتها في مساعدتك على النسيان، فيما تسارعين إلى الارتماء في أحضان من هجركِ عندما يعاود الاتصال بك. عليك أن تحدِّدي هدفك وتنشدي النسيان على نحو جدّي، قبل أن تبحثي عن العلاج لإدمانك تنصحك أحلام. هكذا، تكونين على الطريق الصحيح، جاهزةً لتنسي «كما ينسى الرجال».
الرجل ينسى ولا ينتظر عودتك، فلم ترهنين حياتك له وتنتظرينه؟ هكذا تريدك صاحبة «عابر سرير» أن تنسي كلّ ما علّموك إياه كامرأة عن فضيلة انتظار الرجل، وأن ترمي خلف ظهرك أساطير الأميرة التي تدخل في سباتها العميق مئة عام، وتستيقظ بعدها عند وصول الأمير. تطلب منك هذه الشهرزاد الـ«بوست مودرن» ألّا تنتظري عودة من هجرك أو من جرحك، بل أن تنسيه كما نسِيك وارتمى في أحضان غيرك. امضِ في حياتك من دون أسف عليه، فلا يستحق الانتظار إلّا «الرجال الرجال» الذين بمجيئهم «تتغيّر الأقدار».
بعد كلّ حالة تصفها لك مستغانمي، تقدّم لك نصيحة: ها هي تعلّمك مواجهة سياسة «التجويع الهاتفي» و«الاغتيال المعنوي» وتُشهدك على قصص «النساء الغبيّات» كي تعتبري. تخبرك على سبيل المثال قصّة صديقتها كاميليا. حاولت الكاتبة ذات مرّة مساعدة هذه الأخيرة، يوماً بيوم على النسيان. اعتقدت أنّها أوصلتها إلى بّر الأمان، لكنّ كاميليا عادت وخذلتها مع «الرجل العائد»... تعلّمك مستغانمي التسلّح بعطر النسيان والشوكولا... وأهميّة سماع اعتذار الرجل حين يخطئ، وخصوصاً أنّ الاعتذار ليس من خصال الرجل الشرقي بحسب الكاتبة.
كاميليا، خرجت عن تعاليم أحلام وأعادت فصول مأساتها. بعد هذه التجربة الفاشلة، اشترطت مستغانمي على كلّ من تريد الانضمام إلى «حزب النسيان» توقيع «ميثاق شرف أنثوي» أعدّته وضمّنته كتابها، تتعهّد فيه الراغبة في النسيان أن تدخل الحب وهي على ثقة تامة بأنّه لا وجود لحبّ أبدي. هكذا، تكتسب حصانة الصدمة وتتوقع كلّ شيء من الحبيب، فلا تبكي بسبب رجل لا يستحقّ دموعها ـــــ من يستحقّها ما كان يرضى أن يراها تبكي ـــــ وتكون جاهزة للنسيان... «كما ينسى الرجال».
كتاب مستغانمي عن النسيان كما ثلاثيّتها السابقة («ذاكرة الجسد»، «فوضى الحواس» و«عابر سرير») يضجّ بالشعر. كتاب مليء بأشعار النسيان التي كتبتها مستغانمي أو جمعتها من كلِّ حدب وصوب، ما يجعل من قراءة الكتاب متعة فعليّة لا للنساء فقط ـــــ عذراً ـــــ لكن ربما للرجال أيضاً.
يبقى أن نرى مدى تأثير «نسيان.com» على نساء العالم العربي، وخصوصاً أنّ مستغانمي تعدّ من بين أقوى مئة شخصيّة عربية بحسب مجلّة Arabian Business ومن بين النساء العشر الأكثر تأثيراً في العالم العربي، بحسب مجلة Forbes الأميركيّة. لا تبدو صاحبة «ذاكرة الجسد» بعيدة عن ممارسة هذا الدور، فنراها توضح مراراً أنّها كتبت هذا الكتاب لتساعد صديقاتها وقارئاتها اللّواتي يتّصلن بها أو يراسلنها دوماً، من كلّ أنحاء العالم العربي، لطلب النصائح حول القضايا العاطفيّة. تضع الكاتبة كلّ نصائحها في هذا الكتاب، وتقول في النهاية: «الآن.. حلّوا عنّي!(...) أتمنى ألا تأتي إحداكنّ في المستقبل لتشكوني ذاكرة عشقيّة ما. بعد الآن النسيان... «نسيان.كُم»!». فهل تلتحق النساء بحزب مستغانمي؟