المسلسل الذي سيُعرض في رمضان، يريده صنّاعه ضخماً بميزانية أربعة ملايين دولار ومجموعة كبيرة من الممثلين العرب. المخرج التونسي شوقي الماجري سيرصد المأساة العراقية من خلال يوميّات المراسلين في بلاد الرافدين
رائد وحش
بعدما كان اسمه «بغداد... زمن الحب والموت» (راجع «الأخبار» 3 آذار/ مارس 2009)، رسا أخيراً صنّاع المسلسل الذي يروي سقوط بغداد على اسم نهائي هو «هدوء نسبي». هكذا، اختار السيناريست خالد خليفة مهنة الصحافي الميداني لمقاربة سقوط بغداد درامياً من خلال رصد معاناة هؤلاء، قبل ثلاثة أشهر من سقوطها بيد الاحتلال في 9 نيسان (أبريل) 2003 وبعده بتسعة أشهر. العمل الذي يريده صنّاعه ضخماً، يشارك فيه 150 ممثلاً من سوريا ومصر والعراق وتونس ولبنان وفلسطين والأردن، بينهم 20 في أدوار رئيسية، أبرزهم عابد فهد ونيللي كريم وأميرة فتحي وإبراهيم الزجالي ونادين سلامة وبيار داغر.
تنتقل الكاميرا من مكان إلى آخر للحصول على صورة مشابهة لعاصمة الرشيد. وقد وجد المخرج التونسي شوقي الماجري في مدينة حماة، وسط سوريا، بيئةً جغرافية قريبة من البيئة العراقية، بوجود نهر العاصي بديلاً من نهر دجلة، كما ستصوّر بعض مشاهد العمل في مصر.
في المؤتمر الصحافي الذي عقده فريق العمل أخيراً في فندق «أفاميا الشام» في حماة، وهو أحد مواقع التصوير الأساسيّة في العمل (سيكون «فندق فلسطين» البغدادي في المسلسل)، أعرب طاقم المسلسل عن أمله بإنجاز مشروع درامي عربي «عملاق» تتشارك في إنتاجه: «روتانا خليجية»، و«راديو وتلفزيون العرب» art، و«قطاع الإنتاج ـــــ مصر»، و«شركة إيبلا الدولية» وتبلغ ميزانيته حوالى 4 ملايين دولار أميركي. وقد أوضح الماجري أنّ المسلسل «بمثابة شهادة على يوميّات بغداد تحت القصف، كما نقلها المراسلون الصحافيون من موقع الحدث». ويقوم العمل على ثلاثة مستويات رئيسة: المراسلون الصحافيون وتضحياتهم، وانتهاكات الجيش الأميركي، وآلام الشعب العراقي. وفي هذا الإطار، أوضح خالد خليفة أنّ المسلسل سيتضمّن موقفاً واضحاً من «احتلال العراق» على رغم أنّه أتاح لكلّ الشخصيّات أن تبدي وجهة نظرها، بمن فيهم الجنود الأميركيون. ومن القضايا التي دفعته إلى خوض الدراما في حرب العراق، ما يصفه خالد خليفة بوقوف العرب «في منطقة الأمان الزائف التي جعلتهم يتفادون الذهاب إلى طرح قضاياهم الحساسة والكبرى». وأضاف لوكالة فرانس برس: «من الزائف الاعتقاد أنّ عدم ذكر الصراع السني الشيعي الكردي يجعله غير موجود».
من جهته، قال عابد فهد الذي يجسّد شخصية الصحافي السوري ناجي شرف الدين رداً على سؤال عن المشاكل المتوقع أن تثار لاحقاً: «ما يعنينا أننا جزء مما يجري حولنا من دون تزييف للوقائع». بدورها رأت نيللي كريم التي تؤدي دور الصحافية المصرية ناهد أنّ «المصداقية هنا تكاد تتطابق مع الواقع الذي عشناه خلال الحرب على العراق، إلى درجة أنني شعرت بأني أعيش الدور حقاً».
تتطوّر الأحداث في العمل مع تسليط الضوء على علاقة حب بين الصحافي السوري ناجي والصحافية المصرية ناهد اللذين يعملان لوكالتين مختلفتين، ويُرسلان إلى بلاد الرافدين لتغطية الأحداث. قصة الحب هذه قديمة، لكنّ عودة العراق إلى واجهة الأحداث السياسية وإرسال المراسلين إلى هناك ستنفض الرماد عن جمر الحب، ليجدد العاشقان حكايتهما تحت القصف والنيران.
الحب في حالة ناجي وناهد مسألة حياة لأنّ كل لحظة تمر هي تهديد بالموت، فالأمر كما يقول عابد فهد مستعيناً بجملة من السيناريو: «في الحرب يحتاج الإنسان إلى الحب كي لا يموت».
وبموازاة قصة الحب الرئيسة، هناك قصص حب بين الصحافية الفلسطينية رشا (نادين سلامة) والصحافي اللبناني شريف (بيار داغر)، والصحافيين التركيين أورهان ونازلي. كما أن صورة الشعب العراقي تظهر من خلال عائلة كاظم كمال التي تبقى مصائر أفرادها معلّقة على خط الأحداث، وخصوصاً في محنة الصحافيين العاشقين.
وحين يُعتقل ناجي ويُرسل إلى معتقل «أبو غريب» الشهير، سيلاقي أبشع أنواع التعذيب، وستخوض ناهد حرباً ضروساً في الدفاع عن حبيبها، تتوصل في نهايتها إلى إطلاق سراحه من خلال صفقة يديرها سياسيون عراقيون مع الجيش الأميركي مقابل عدم إفشاء أسرار التعذيب، وتخليه عن حقّه في رفع دعوى على الحكومة الأميركية. وخلال علاجه في المستشفى العسكري تختطف جماعة متطرفة ناهد وتطلب فدية مقابل تحريرها. ناجي يفعل المستحيل كي يعثر عليها ويخلّصها من الأسر. ولأن ما هو روائي سيأخذ مساحة أكبر مما هو توثيقي، فلن تظهر شخصيات سياسية ولا إعلامية حقيقية مع الاعتماد على المادة الوثائقية في محطات صغيرة. أما المصادر التي اعتمدها خليفة في كتابة السيناريو فارتكزت على مشاهداته المطوّلة ليوميّات الحرب، وشهادات أصدقائه من المراسلين الذين عملوا هناك، أبرزها مذكّرات مراسلة قناة «العربية» نجوى قاسم، إضافةً إلى معايشة خليفة أوضاع بلاد الرافدين خلال زيارة قام بها قبل الحرب.