أنا» و«شبابيك» و «مودرن»... وغيرها من الفضائيات الخاصة المصرية التي إنطلقت في السنوات الأخيرة فشلت في الوصول إلى المشاهد العربي أو حتى المصري. وها هي محطة جديدة تنطلق قريباً، فهل تنجح في كسر اللعنة التي لاحقت زميلاتها؟
محمد عبد الرحمن
يمكن تصنيف القنوات المصرية الجديدة في خانتين: الأولى هي تلك التي تملك رأس مال كبير ويديرها رجال أعمال معروفون وغالباً ما تظهر قناة واحدة من هذا النوع كلّ عام. أما الخانة الثانية فتضمّ قنوات بدأت في الإنتشار قبل عامين وتنتمي إلى قطاع الإعلام المصري الخاص. لكنها فعلياً لا تملك الإمكانات الضرورية للمنافسة ولو على المستوى المحلي. وتكمن مشكلة هذه القنوات بأنّ أصحابها يرفضون الإعتراف بأن المنافسة تحتاج إلى أكثر من النوايا الطيبة، قناة «الفراعين» هي أحدث نموذج للفضائيات المصرية الخاصة التي تراهن على إمكانات لا تناسب واقع الفضائيات العربية. وكانت شوارع القاهرة والمجلات إمتلأت بإعلانات القناة خصوصاً تلك التي تم لصاقها على حافلات النقل العام، ما جعل المحطة الجديدة شبيهة بأي سلعة استهلاكية كمسحوق غسيل أو بسكويت للأطفال. ثم جاء الإسم اللافت وهو «الفراعين» ليظن بعضهم أنّها تحاول إحياء التراث الفرعوني... قبل أن يكشف رئيس القناة توفيق عكاشة في المؤتمر الصحافي الخاص بإطلاقها، أنّ الإسم جاء للتميّز فقط والتأكيد على أن فراعين هي الجمع الصحيح لكلمة فرعون لا فراعنة. وحملت القناة شعار «الفراعين قناة العرب أجمعين» من دون تقديم تبرير واضح عن كيفية تقبل الجمهور العربي لقناة تحمل إسماً مصرياً.
خلال المؤتمر الصحافي أيضاً، نفى عكاشة أن تكون القناة مموّلة من الحزب الوطني الحاكم. وهو ما تردّد سابقاً بما أنّ عكاشة ينتمي في الأساس إلى قطاع الأخبار في التلفزيون الحكومي، وقال إنها ممولة من عائلته. إذ يملكها مع والدته وخالته وشقيقته (!) من دون أن يعلن رأس المال العائلي بالتحديد.
وأكّد عكاشة أن القناة اتفقت مع عدد من الصحافيين المعروفين في مجال الإعلام المكتوب على تقديم برامج يومية. وقد أصبحت هذه السياسة معروفة في مجال التلفزيون، إذ تستعين كل قناة جديدة بعدد من الصحافيين المعروفين في عالم الصحافة المكتوبة ومغمورين تلفزيونياً، وذلك بهدف الإفادة من نفوذه في الصحف والترويج للقناة في مقالات وإعلانات معيّنة. وغالباً ما يكون هذا الصحافي يعمل في جرائد مملوكة للدولة.
أما عن طاقم العمل الذي يضمّ 160 موظّفاً، فكلهم من الوجوه الجديدة وبعضهم من أصحاب الخبرة في قنوات حكومية في أغلب الأحوال. وكان لافتاً أنّ إعلانات القناة تضمّنت صوراً لعشرات منهم رغم أنّهم غير معروفين عند الجمهور. بالتالي، فإن صورتهم لن تلفت الإنتباه. رغم كل ذلك ظهر عكاشة واثقاً وهو يقدم القناة الجديدة مؤكداً أنها ستبدأ بالبث التجريبي خلال الشهر الجاري، ثم البث الكامل الشهر المقبل، مشيراً إلى أنّه نجح في الحصول على تصريح هو الأول من نوعه لتقديم نشرات إخبارية يومية ـ كون الحكومة ترفض منح هذا التصريح لأي قناة تحمل الجنسية المصرية طالما هي غير خاضعة للإشراف الحكومي. وأشار عكاشة إلى أنّ القناة ستذهب إلى منافسة الفضائيات العربية المعروفة كـ «الجزيرة» و«العربية».
لكنّ عكاشة أكد أن خبرته الطويلة في هذا المجال ساعدت على حدوث الإستثناء علماً بأنه هاجم في تصريحات صحافية سابقة قطاع الأخبار في التلفزيون المصري. إذ أكّد أنّه تقدّم بأفكار للتطوير لكنه فوجئ بالإستعانة ببعضها من دون نسب المجهود إليه. في هذا الإطار، سيطلّ على شاشة المحطة قارئ النشرة الأخبار السابق في التلفزيون المصري نادر دياب مع الإعلامي المخضرم محمود سلطان.
وفيما لا يزال أمام القناة بعضاً من الوقت للرد على الإنتقادات الموجّهة إليها خصوصاً أن لهجة رئيسها في المؤتمر الصحافي كانت هجومية إلى حد كبير. ويرى بعضهم أنّ أستفادة «الفراعين» من تجربة القنوات الجديدة التي إنطلقت في السنوات الأخيرة قد تساعدها على تلافي الأخطاء. مثلاً، إنطلقت قبل أشهر قناة «أنا» التي تميزت بإسم جذاب فقط لكنها لم تنجح في تحقيق أي تأثير رغم أنها تعتمد على تقديم برامج موجهة للشباب. كذلك هناك قناة «شبابيك» التي ظهرت منذ فترة لكنها لم تفلح في تحقيق إنجاز حقيقي ولم تقدم الكثير مما وعدت به من برامج، أيضاً قناة «البدر» التي بدأت ببرامج لمجموعة صحافيين عاملين في الصحافة المكتوبة ومحسوبين على الحكومة قبل أن تتراجع تدريجاً. وفيما كان الإغلاق نصيب قناة «مودرن» التي انطلقت بالتزامن مع قناة «مودرن سبورت» لكن الأخيرة نجحت في البقاء وتفرّعت منها شاشة «مودرن سبورت 2» بينما القناة الأساسية تم اغلاقها مطلع الصيف الماضي. وقد تحدد ثلاثة مواعيد على الأقل لإطلاقها وتغيّر إسمها إلى «مودرن مصر» لكنها لا تزال مجمدة ليس فقط لغياب الإمكانات المادية وإنما لضعف القدرة على المنافسة والإبتكار وتقديم الجديد في سوق لا تحتمل كل هذا الكم من الفضائيات.


غضب إذاعي