ليال حداد
بينما كانت الساعة السابعة تنذر بانتهاء الفصل الثاني في لعبة الانتخابات بتعبير الوزير بارود، أطلّ مارسيل غانم على شاشة «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، مبستماً ومعلناً بداية «لحظات الانتظار الصعبة والطويلة». هكذا كان. ما كادت صناديق الاقتراع تقفل، حتى بدأ مراسلو المحطات اللبنانية يطلون تباعاً لإعطاء آخر الأرقام والإحصاءات التي وزّعتها الماكينات الانتخابيّة التابعة لمختلف الأحزاب. وطبعاً كانت الأرقام متضاربة ومختلفة باختلاف توجّهات كل محطة. مثلاً، في وقت كانت قناة «أخبار المستقبل» تبثّ تقريراً عن الإقبال الكبير على الانتخاب في دائرة بيروت الثالثة وتستطلع المواطنين الذين انتخبوا اللائحة «زيّ ما هي»، كانت «المنار» تفنّد الأسباب التي أدّت إلى نسبة اقتراع منخفضة في الدائرة نفسها!
هذا في المساء... أما طوال النهار الانتخابي الطويل، فلم تختلف الصورة عن التغطيات السياسية طوال السنوات الأربع الماضية، وإن كانت الرتابة طغت على الساعات الأولى للاقتراع، بسبب القانون الذي أصدرته هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية في وزارة الداخلية والبلديات، ومنع ترويج أو بثّ أي استطلاعات للرأي، أو استقبال مرشحين...
لكن، وكما كان متوقّعاً، خرقت أغلب وسائل الإعلام هذا القانون وإن بنسب متفاوتة: «المنار» بشّرت مشاهديها ـــــ من خلال مراسلها في طرابلس حكم أمهز ـــــ بأن اختراق المرشّح جان عبيد للائحة «14 آذار» أصبح شبه مؤكّد... مراسلة «أخبار المستقبل» في الأشرفية كارول غلام ناشدت المقترعين في الدائرة الانتباه من اللوائح «الملغومة» التي تستهدف المرشحة نايلة تويني... ومنى صليبا مراسلة LBC في كسروان، حسمت دخول فارس بويز إلى المجلس النيابي منذ منتصف النهار.
أما محطّة «الجديد»، فكانت الأكثر التزاماً بالقانون. حاول مراسلوها تفادي إعطاء أيّ أرقام أو تبنّي أيّ اتهامات من هذا الطرف أو ذاك، من دون دليل أو إثبات عليه. لكنّ المحطة، لم تتمالك نفسها في بعض الأحيان من إظهار ميل واضح إلى المعارضة. نانسي السبع بدت قلقة من التصويت الأرمني في المتن، وكانت حماسة إبراهيم دسوقي في بيروت الثالثة للائحة المعارضة واضحة.
ورغم المحاولات الحثيثة لبعض القنوات، لاكتساب صبغة الموضوعية، فإنّها لم تنجح في ذلك. هكذا حاولت Mtv التي عاشت أمس أولى الاختبارات الحقيقية لموضوعيتها، أن تقف موقف الحياد، وإن بطريقة مبطّنة، فاستقدمت محلّلين وصحافيين أغلبهم من طرف واحد، فقالوا ما تفادى إعلاميّوها قوله، خصوصاً الصحافي مالك مروة الذي لم يتردّد في انتقاد «حزب الله» و«التيار الوطني الحرّ» بشكل فجّ ومباشر.
وفي الإطار نفسه، كانت الاستنسابية سيّدة الموقف في تغطية المخالفات التي ارتكبها كلّ طرف. وإذا بـ«السوريين ومخابراتهم يسهّلون حركة التصويت في البقاع الغربي» حسب «أخبار المستقبل»، فيما قيل إن أنصار نقولا فتوش وميشال المرّ يوزعون المال ويصادرون الهويات على «المنار» وOtv.
وإن كان وضع الشاشات اللبنانية عكَس واقع الانقسام الإعلامي والسياسي، فإنّ «الجزيرة» سعت، في تقاريرها، إلى تقديم كل وجهات النظر. استقبل عباس ناصر مواطنين من كسروان من الطرفين المتنافسين. ولم يكن هناك مهرب من تعبئة الوقت، أي ملء «الهواء» بالكلام السياسي التقليدي، فجمع غسان بن جدو حول «طاولة حوار» كلاًّ من كريم بقرادوني وعبده سعد ومعن بشور وراشد الفايد. وفي هذا الوقت، لم تبد «العربية» قلقة بشأن موضوعيتها، فكان أغلب ضيوفها من «14 آذار»، ولم يتردّد مدير مكتبها في واشنطن هشام ملحم في إطلاق حقيقته المطلقة: «ليس كل اللبنانيين يريدون فتح جبهة مع إسرائيل». وأضاف: «لم يحدث لأي فريق لبناني أن تعاون مع قوة أجنبيّة، مثلما تتعاون 8 آذار مع إيران».