الشاشات الأوروبية والأميركية قدّمت أمس صورة موحّدة عن الحدث: حزب الله الإرهابي يهدّد الوجود المسيحي في لبنان

صباح أيوب
كيف فهم المشاهد الغربي الانتخابات اللبنانية؟ وماذا نقلت له قنواته العريقة عن لبنان وانتخابته، وعن مستقبل المنطقة؟ الشاشات الأوروبية والأميركية والبريطانية قدّمت أمس صورة موحّدة عن الحدث اللبناني: حزب الله الإرهابي سيهدّد الوجود المسيحي في لبنان في حال فوزه. وسألت «سي إن إن» بتخوّف وحذر «ماذا لو ربح حزب الله الانتخابات؟». أمّا نموذج التضليل الإعلامي، فكان BBC بلا منازع.
بعد تقرير مراسل «بي بي سي» من بيروت الذي استخدم فيه مصطلحات مثل «المعسكر الموالي لسوريا وإيران» (8 آذار) و«المعسكر المعادي لسوريا» (14 آذار)، ظهر العنوان العريض على الشاشة: «التحالف الموالي للغرب ينافس حزب الله». هكذا، أنهى المراسل الانكليزي تقريره بتحليل «بسيط» مفاده أنّه «إذا فاز حزب الله في الانتخابات، فسيصبح تأليف حكومة وحدة وطنية لبنانية في غاية التعقيد» (!). ومع انتقال الهواء الى لندن، أشار مقدّم الأخبار في الاستوديو إلى أنّه يمكن المشاهدين أن يتابعوا المزيد عن الانتخابات اللبنانية على موقع المحطة الالكتروني «ليعرفوا أهمية الدور المسيحي في هذه الانتخابات». وبالفعل، قدّم الموقع الالكتروني مقالاً موقعاً من مراسلة المحطة من بيروت يظهر فيه أهمية المرشّحين المسيحيين في الانتخابات «بمواجهة هجمة المحور الإيراني ـــــ السوري المنافس». واستشهدت كاتبة المقال بالمرشحة نايلة تويني وأقوال مؤيّديها الذين «يخشون تحويل لبنان الى دولة إسلامية إذا فاز معسكر حزب الله في الانتخابات». الى جانب المقال، ولمزيد من «التوضيح»، خصّص موقع BBC فقرة طويلة بعنوان «تفسير الانتخابات اللبنانية، أسئلة وأجوبة». وهنا تكمن فظاعة ما حاولت المدرسة العريقة في الصحافة شرحه للسائلين. «بي بي سي» ـــــ خلال رسمها لـ«خلفية» الانتخابات في لبنان ـــــ عادت الى اغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري قائلةً إنّ «قوى 14 آذار اتهمت سوريا بمقتله رغم أنّ سوريا نفت ذلك». فقط. من دون أي ذكر لإنشاء المحكمة الدولية ولا للنتائج التي توصلت إليها أخيراً وأدّت إلى الإفراج عن أربعة «متهمين سابقين».
وعن التحالفات الأساسية في البلد، شرح الموقع أنّ قوى 14 آذار وعمادها «تيار المستقبل» برئاسة سعد الحريري «ابن رفيق الحريري» يتحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب» المسيحيين وغيرهما من الأحزاب اللبنانية. إلا أنّه عندما ذكر قوى 8 آذار، قال إنّ أساسها هو حزب الله الـ«مدعوم من إيران وسوريا». أما «التيار الوطني الحرّ» فهو مجرد حليف من دون أي ذكر لنسبة تمثيله للمسيحيين. وللاستفاضة في الشرح و«التنوير»، زوّد الموقع القراء بلمحة عن حياة بعض الشخصيات اللبنانية ومنها «الشيخ حسن نصر الله». خطأ أول في تسمية «الشيخ» بدل «السيّد» الذي ينمّ عن عدم دراية باللقب الصحيح للأمين العام لحزب الله. وفي سيرة نصر الله، «المصنّف إرهابياً والمتطرف دينياً من قبل الاسرائيليين»، أورد الموقع أحداث تفجيرات بوينس آيرس عامي 1992 و1994 ورجّح نسبها بشكل كبير الى «حزب الله»! كما ذكر أنّ الحزب أخيراً «تورّط في مدّ مجموعات فلسطينية بالمعلومات الاستخبارية». أخيراً وليس آخراً، ذكّر الموقع بأنّ نصر الله ـــــ بعد اغتيال الحريري ـــــ لم يعد يدعو «كلامياً» إلى تحويل لبنان الى دولة إسلامية، «وبات نصر الله يؤدّي دوراً مهماً في الحياة السياسية في المنطقة». ولمعرفة ما قصدته BBC في كل ما كتبته عن حزب الله ونصر الله، يكفي أن يطلع القارئ على الفقرة المخصّصة للتعريف بفؤاد السنيورة!

http://news.bbc.co.uk