صباح أيوب
انتهى اليوم التلفزيوني الطويل فجراً، و«سلّم الدفّة» إلى الإعلام المكتوب... فعلامَ استفاق القارئ العربي والأجنبي صباح أمس؟ صور المقترعين اللبنانيين وبعض السياسيين الفائزين احتلّت مساحة كبيرة من الصحف العربية، الفرنسية والأميركية أمس. بين الانتصار والهزيمة تنوّعت عناوين المانشيتات. وبينما تعدّدت تسميات المنتصرين بين «القوى المدعومة من الغرب» (ليبراسيون) و«الأكثرية اللبنانية» (لو موند) و«المعسكر المعادي لسوريا» (لو فيغارو) و«التحالف المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية» (نيويورك تايمز)، توحّد اسم المهزوم: حزب الله (طبعاً، المدعوم من إيران وسوريا) في الصحف كلها. وحدها صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية تميّزت بعنوان فاقع زايدت فيه على الصحف التابعة لقوى 14 آذار نفسها، فجاء عنوانها العريض: «انكسروا.. وانتصر لبنان»، ونصّ المانشيت قُسّم على الشكل الآتي: «أعلن سعد الحريري... هنّأ فؤاد السنيورة... وحذّر وليد جنبلاط». لهجة «الشرق الأوسط» المبالغ في حدّتها لم تظهرها صحيفة «الحياة» التي ركّزت على «مبايعة» اللبنانيين لقوى 14 آذار و «إقرار» المعارضة بهزيمتها.
انتصار قوى 14 آذار الذي قرأته الصحافة الغربية ـــــ بالطريقة السطحية المعهودة ـــــ هزيمة للمشروع الإيراني في لبنان والمنطقة، دحضه صوت أجنبي واحد: روبرت فيسك. الصحافي البريطاني المتخصص في الشؤون اللبنانية كتب مقالاً في صحيفة «إندبندنت» البريطانية «ينوّر» الصحافيين الغربيين في كتاباتهم عن لبنان. فيسك في مقاله «الناخبون اللبنانيون حالوا دون تسلّم حزب الله السلطة»، وضع الانتخابات اللبنانية في إطارها السياسي، الحزبي، اللبناني والعربي والدولي، وأرفد مقاله بتغطية ميدانية مبسّطة لكن معبّرة. وبحكم خبرته الطويلة في البلد ومعرفته الكبيرة بتركيبته الاجتماعية الطائفية والعشائرية، قدّم فيسك الصورة الأقرب إلى الواقع بعين أجنبية. وقد بدأ مقاله بعبارتي: «لن تكون هناك الجمهورية الإسلامية اللبنانية، كما لن تكون هناك الجمهورية الموالية للغرب في لبنان»، يحسم فيسك الأمر كالعارف بما تؤول إليه الأمور دائماً في لبنان، وباللعبة الأميركية ـــــ السعودية ـــــ الإيرانية، وبالشرخ الطائفي التاريخي في البلد. لبنان، بنظر فيسك، سيبقى مهما حصل «ذلك البلد الأعرج، غير القابل للشفاء، المبهج، العجوز المسكين، الفاسد، الجميل، المغرور، الذكي، الديموقراطي، الذي تعجز قوانا عن إصلاحه»!


معركة الألوان... والشهداء

اهتمام الإعلام الأجنبي بالانتخابات اللبنانية ظهر جلياً، لكنه تفاوت بين الصحف الغربية. ففيما سجّل شبه غياب للصحافة البريطانية عن الميدان اللبناني، واكبت الصحف الفرنسية والأميركية الأجواء على الأرض مع بدء حملات المرشحين. وفي مجمل ما قدّمته تلك الصحف من مقالات، تميّزت صحيفة «نيويورك تايمز» بتحقيقها بعنوان «الأموال الأجنبية تشتري الأصوات اللبنانية» (لروبرت ورث) وتحقيق صحيفة «لو موند» الفرنسية بعنوان «معركة الألوان والشهداء في الانتخابات النيابية اللبنانية» (لسيسيل هينيون).