الموسيقى السلتيّة. عبارةٌ تُستعمَل في تاريخ الموسيقى وعلمها، وفي صناعة الموسيقيين وتسويقهم، وأيضاً في التصنيف النمطي للأعمال الفنية التي تنتجها بقعة من العالم، واقعة غرب أوروبا، وتحديداً اسكتلندا وإيرلندا ومحيطهما. يقصد بهذا المصطلح كل الأنماط الموسيقىة التي تُنسَب إلى المنطقة التي تتكلم شعوبها اللغة السلتيّة. ومع تداخل الثقافات، بات المفهوم يضم كل التجارب الموسيقية والغنائية، أينما ظهرت في العالم، متى ارتكزت على مكوِّنات سلتيّة أو حملت تأثيراتها حملاً كاملاً أو جزئيّاً (اللغة، الآلات، الخصائص النغمية والبنيوية،...). بعض هذه التأثيرات نجدها في أنماط قائمة بحدّ ذاتها، كاستعمال السلم الخماسي (الرائج في الموسيقى السلتيّة) في موسيقى البلوز وجذورها، أي الموسيقى الأفريقية. وهذا التقليد يعود إلى عصر العبودية واستقدام السود الأفارقة إلى الولايات المتحدة الأميركية ومشاركة الشعوب السلتيّة في استعمار القارة الجديدة.
من الناحية التاريخية، تعود هذه الموسيقى إلى العصور القديمة رغم عدم وجود آثار لها قبل القرون الوسطى. وتعتمد الموسيقى السلتيّة على مجموعة من الآلات الموسيقية القديمة الخاصة بها، مثل القيثارة (الـ«هارب») والفلوت الأيرلندية (وتسمى أيضاً «تِنْ ويسِل») والـ«بومبارد» (آلة نفخ تشبه المزمار)، وخاصةً مزمار القربة (أي «باغبايبز» أو «كورنموز»). كذلك دخلت إليها لاحقاً آلات أخرى وباتت أساسية فيها مثل الكمان والأكورديون.
بقيت الموسيقى السلتيّة غير منتشرة عالمياً، إذ كانت محصورة في مجتمعها حيث تناقلت الأنغام التراثية من جيل إلى جيل، وذلك حتى أواسط القرن الماضي عندما أعدها وسجّلها عدد من الموسيقيين.
ارتبط بهذه النهضة عازف القيثارة ألِن ستيفل الذي ولَّف مجموعة من الأعمال التراثية وأداها على آلته إلى جانب مؤلفاته. وعلى درب ستيفل، سار فنانون وفرق سلتيّة أو ذات تأثيرات سلتيّة (مثل «تري يان»، «دابلينرز»، «كلاناد»، وعازف مزمار القربة هيفيا، والمغنيتان إينيا ولورينا ماكينيت...).
أما اليوم، وكغيرها من الأنماط الموسيقية التراثية، فقد تداخلت الموسيقى السلتيّة مع معظم التيارات والأنماط الرائجة والمعاصرة. هكذا طالها مفهوم الـ«فيوجِن» (المزج)، فولّد فروعاً واتجاهات حملت الهوية السلتيّة الحديثة، مثل البانك والروك (المغنية الأيرلندية الشهيرة شينيد أوكونر) والهيب ـــ هوب (فرقة الراب «ماركس مان» الماركسية المُعتقَد) والريغي والموسيقى الإلكترونية والموسيقى الأفريقية («أفرو سَلت ساوند سيستم») والـ«نيو آيدج» (إينيا) والجاز وغيرها.

بشير...