حزمت حقائبها استعداداً للانتقال إلى عمان مطلع الخريف المقبل. هكذا، طوت الشركة السعودية سبع سنوات من العمل في لبنان انتهت بمشاكل مالية وإدارية ومنافسة ازدادت شراسةً يوماً تلو آخر
ربى صالح
لم تعد الأخبار التي تردّدت طويلاً عن إقفال قنوات «روتانا» لمكاتبها في بيروت مجرّد شائعات. ها هي الشركة السعودية تحزم حقائبها وتستعدّ للانتقال مطلع الخريف المقبل إلى عمان. هكذا، تطوي الشركة سبع سنوات من العمل في لبنان، أرست خلالها قواعد اللعبة الفنية منذ نشأتها كشركة للإنتاج تفرّع منها عدد من المحطّات. منذ قدومها إلى لبنان لم يحالفها الحظّ، وظلّ فرع الصوتيات في الشركة الرافعة الأساسية لقنواتها بسبب فقدان هذه الأخيرة للخبرات الضرورية في عالم التلفزيون. ولولا ارتباط نجوم الشركة بعقود مع فرع الصوتيات، لرَفَض جميعهم الظهور على شاشتها، وخصوصاً أنّ «غولاً» جديداً اسمه mbc يتمترس في وجه الشركة، مقدّماً إغراءات مادية ضخمة للفنانين الذين يظهرون على الشاشة.
لكنّ الانتقال من بيروت إلى عمّان لم يكن سببه الرئيس المنافسة مع باقي القنوات، بل مشاكل مالية وإدارية تعود إلى ما يقارب سنتين. بدأ كل شيء مع صدور مذكّرة بإقصاء ميشال غبريال المرّ في صيف 2007 وتعيين بيار الضاهر مكانه في إدارة قنوات «روتانا» في أيلول (سبتمبر) من العام نفسه. وتفاقمت أزمة التخلّي عن المرّ وتعيين الأميركية أماندا هارتفورد مسؤولةً عن البرامج، ما اعتبره المرّ ضربةً موجعةً لتاريخه وقلة وفاء من الشركة تجاهه. منذ تلك اللحظة، بدأ المرّ خطّته الانتقامية، فعمد إلى تأجير المكاتب والمعدات والاستديوات الموجودة في «استديو فيزيون» إلى «روتانا» بأسعار مرتفعة جداً، ثمّ استأجر الـ«فوروم دو بيروت» كحصن منيع بوجه LBC وبيار الضاهر الذي حلّ مكانه بعدما نال ثقة الوليد بن طلال بين ليلة وضحاها.
في هذا الإطار، بدأ المرّ بتحصين القلاع الإنتاجية لشركة «استديو فيزيون» التي يملكها، ووسّع أفق عمله من قنوات أخرى، فكان المنتج المنفّذ لبرامج الشركة وبرامج أخرى على قنوات مختلفة منها «دبي» و«الجديد». حصل هذا كلّه قبل أن يقرّر المرّ ـــــ إزاء الانقسام السياسي اللبناني الراهن والنزاع القانوني بين بيار الضاهر و«القوات اللبنانية» ـــــ إعادة افتتاح Mtv. وتزامن ذلك مع خروج إمبراطور الإعلانات أنطوان الشويري من «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، وتوجّهه إلى محطّة المرّ، ما ساعد الأخير في إحكام سيطرته على ساحة الحرب، ليسدد الضربة القاضية لـ«روتانا» والتي انتظرها عامين. وما ساعد المرّ في حربه كانت الأزمة المالية العالمية التي قضت على الكثير من طموحات «روتانا»، وغياب بيار الضاهر المشغول بخلافاته داخل LBC وخارجها، إضافة إلى أنّ أماندا هارتفورد تعرّضت لانتقادات لبنانية كثيرة.
لم يقف سوء طالع «روتانا» عند هذه الحدود، إذ أُوقفت برامج «روتانا موسيقى» وغادر موظّفوها مكاتب بيروت. وما زاد الطين بلة كان خلاف الضاهر مع الوليد بن طلال، وتكليف تركي شبانة إدارة قنوات «روتانا». هكذا صدر القرار قبل شهر: «روتانا موسيقى» ـــــ التي كانت آخر القنوات الروتانية التي صمدت في بيروت ـــــ ستنتقل إلى القاهرة. وكان هذا القرار كافياً لإثارة حفيظة ميشال المرّ الذي كانت «روتانا موسيقى تبثّ من استديواته، فطالب الجميع بمغادرة مبنى النقاش (شرقي بيروت) بأقصى سرعة، واحتفظ بكامل حقوقه المادية تجاه كلّ المحطات الروتانية. عندها، حاول تركي شبانة تدارك الوضع وأوكل المهمّة إلى شركة «كاريزما» التي يقودها صديقه أيمن زبود، وجاء ببلال العربي مساعداً خاصاً للإشراف على برنامج واحد هو «آخر الأخبار»، ونقله من «استديو فيزيون» إلى «استديو الأرز» في الدكوانة. والعربي هو بالمبدأ المرشح النهائي لتولّي منصب رئيس تحرير الأخبار وبرامج أخرى على «روتانا» الجديدة، وسيحلّ بذلك مكان جومانة بو عيد.
في هذه الأثناء، كان فريق تركي شبانة يعد العاملين بمغادرة مبنى «كاريزما» في عين المريسة (بيروت) قريباً والانتقال إلى مكاتب خاصة في منطقة كليمنصو، غير أنّ كلّ ذلك اتضح أنّه محاولات لتهدئة النفوس ومسايرة الخواطر.
لكنّ هذه المحاولات لم تنجح، إذ صدر القرار النهائي بنقل كلّ شيء من بيروت إلى عمّان، كما تردّد سابقاً. لكنّ المعاناة استمرّت، حيث عُلم أنّ ميشال المرّ حجز كل المتعلقات الخاصة بـ«روتانا»، بما فيها الأرشيف في «استديو فيزيون» ليُسدَّد ما يجب على الشركة من مستحقات مالية تزيد على ثلاثة ملايين دولار أميركي للمرّ. ويلاحظ أنّه حتى لوغو ميكرفون «روتانا» وبرنامج «آخر الأخبار» لا يزالان تحت قبضة ميشال المرّ محجوزين لدفع كل المستحقات. هكذا يبقى في بيروت مكتب تمثيلي لـ«روتانا» ضمن شركة «كاريزما» و«روتانا صوتيات» (وسط بيروت)، فيما لم يُعرف بعد مَن سيبقى من مراسلي أو موظفي «آخر الأخبار».


جومانة بو عيد: مصير معلّق