محمد خيرمع ذلك، كان ممكناً أن يمتلك فاروق حسني، بدوره، خطوطه الدفاعيّة. لكنّ مشكلته أنّه ابن نظام ممتد، يحمل معه ويحمّله الكثير من الخطايا. بل هو أحد أقدم وجوه هذا النظام على الإطلاق... حتى مع كونه أكثر زملائه إثارة للجدل. إنجازاته ونشاطاته بحجم كوارثه بالضبط، في عهده (الطويل) تحولت وزارة الثقافة إلى كيان ضخم، متشعب، شبه سيادي. وفي إطار جهوده لإدخال المثقفين إلى «الحظيرة»، وجد آلاف المبدعين فرصاً غير مسبوقة للنشر في الإصدارات الحكومية المتعددة، ووجدت مشاريع الترجمة والمسرح ومنح التفرغ وغيرها لنفسها عناوين متعددة، أفصح من خلالها موهوبون كثر عن إمكاناتهم... لكن عجز الوزير ـــــ ابن نظامه ـــــ عن مواجهة المعارك الجذرية لحماية الثقافة، وتراجعه السريع في وجه الهبّات الأصولية، وتراجعه المتقطع في وجه الهبّة الصهيونية، ثم التراجع «الرسمي» الإسرائيلي عن الهجوم عليه بطلب «رئاسي» مصري... كل ذلك لم يترك أثراً طيباً في دواخل من كان يفترض بهم أن يخوضوا معه الآن معركة «الأونيسكو»... فإذا بهم موزعون بين المرارة والشماتة، يتفرّجون وفي فم كل منهم ماء، وفي ذاكرة كل منهم مصيبة: حريق أو محرقة، منع أو رقابة، سيف أو ذهب أو الاثنان معاً.