تونس ــــ نبيل درغوث قد تكون تلك المرّة الأولى التي تتناول السينما العربيّة تلك الظاهرة. هكذا، أراد المخرج التونسي الشاب فخر الدين سراولية أن ينجز شريطاً عن ظاهرة تعنيف الأزواج، وعن ملاجئ نزلاؤها رجال طردوا وعنّفوا من زوجاتهم! الشريط الوثائقي القصير الذي حمل عنوان «الملجأ» يتناول شهادات واعترافات رجال تعرّضوا للضرب من نسائهم. يقول السينمائي الشاب: «منذ السبعينيات من القرن الماضي، يشهد المجتمع التونسي تطوراً ملحوظاً مقارنة بالمجتمعات العربية في مجال الحقوق والحريات...» مضيفاً أنّ فكرة الشريط أتته عندما التقى ـــــ مصادفةً وهو في القطار ـــــ رجلاً يُدعى العربي الفيتوري. وقد حدّثه هذا الأخير عن رجال يعانون من تعنيف نسائهم، فأحدث هذا الحديث صدمة بالنسبة إلى سراولية. واكتشف بعد ذلك أنّ هذا الرجل تعرّض عام 1977 للضرب والتعنيف من زوجته التي طردته من المنزل ليجد نفسه في الشارع. بعد مرور سنوات على هذه الحادثة، أسّس العربي الفيتوري سنة 2002 مأوى يحتضن هذه الشريحة من الرجال.
يقول فخر الدين سراولية إنّ ما سمعه في هذا السفر القصير أرّقه ودفعه إلى زيارة هذا الملجأ ليتقصّى الأمر، فوجد نفسه، مدّة عام كامل، يبحث في هذه المسألة كي يتأكّد من صحّتها. وبعد طول عناء، استنتج أن هذه الظاهرة موجودة في المجتمع التونسي. هكذا قرّر تصوير هذا الفيلم. وعن الصعوبات التي تعرّض لها خلال تصوير الشريط، قال المخرج لـ«الأخبار» إنّه عانى من صعوبة كبيرة في إقناع نزلاء الملجأ بالوقوف أمام الكاميرا للبوح بتجاربهم المريرة والحكي عن قصصهم، وخصوصاً أن المجتمع الشرقي مجتمع ذكوري وليس سهلاً أن يقف رجل أمام الكاميرا ليعترف بأن زوجته عنّفته، ما يعتبره مساساً برجولته. وعن الصعوبات المالية، قال المخرج إنّه صرف 20000 دولار جمعهم من عمله في الإخراج وتصوير الفيديو كليب وتصميم الرقصات. رغم ذلك، لم يستطع تغطية تكاليف العمل. وعلى رغم الصعوبات، تمسّك بهذا الفيلم وأنجزه. أما عن توقيت عرض العمل، فأجاب بأنّه سيكون جاهزاً في الشهر المقبل، وسيشارك في مهرجانات عالمية في أوروبا والولايات المتحدة. وكشف فخر الدين سراولية أن فيلمه المقبل سيكون بعنوان «الخروج من الهاوية»، وهو شريط وثائقي عن مثليي الجنس.