الرباط ـــ ياسين عدناناختارت مدينة زاكورة الصحراوية في الجنوب المغربي أن تفرض نفسها إحدى الوجهات السينمائية الأساسية في المغرب، من خلال «الملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء»، الذي احتضنت هذه الواحة الهادئة دورته السادسة أخيراً، موليةً أهمية لأفلام الصحراء. بالفعل، فبرمجة الملتقى مُخلصة للصحراء وللأعمال التي تتخذ من الصحراء تيمة أو فضاءً حاضناً لأحداثها ووقائعها. هكذا افتُتحت الدورة بـ«ليال عربية» للمخرج بول كيفر الذي يحكي قصة جورج الشاب البسيط الذي كان يعيش حياة روتينية، ثم تنقلب حياته عندما يُغرم بيامنة المهاجرة السرية الجزائرية. حتى إنه بعد اختفاء يامنة ذات يوم، سيفقد توازنه ويسافر إلى الجزائر بحثاً عنها، وينتهي به المطاف في الصحراء الجزائرية حيث سيكتشف طعماً آخر للحياة. ومباشرة بعد الافتتاح، توالت الصحارى: القفار الأفريقية في فيلم «14 كيلومتراً» للإسباني جيراردو أوليفاريس الذي يرصد رحلة أخوين ماليين يقرران الهجرة إلى الشمال. وفيما يفقد أحدهما حياته في وسط الصحراء الكبرى، يواصل الآخر رحلته إلى المغرب ليجرب الهجرة من ساحله الشمالي عبر قوارب الموت باتجاه إسبانيا.
فيلم «سفرة....يا محلاها» للتونسي خالد غربال يحكي بدوره قصة محمد العامل التونسي الذي قضى حياته في الضواحي الباريسية. وبعد تقاعده، يعود إلى تونس بلده الأصلي الذي انقطع عنه. وفي هذا الفيلم، كانت الصحراء ـــــ التونسية هذه المرة ـــــ سيدة الصورة والفضاء الفيلمي. أما صحراء الإمارات العربية فحضرت من خلال «حنة» للإماراتي صالح كرامة العامري الذي يحكي قصة أسرة من حي شعبي في مهب التحولات التي عرفتها الإمارات خلال الثمانينيات بسبب الطفرة النفطية.
أفلام أخرى جعلت الفضاء الصحراوي يتعدد في زاكورة: «أوستراليا» للمخرج باز لورمان، «ما تبقى لكم» للفلسطينية ندى اليسير، وهو الفيلم الذي سافر بالجمهور إلى صحراء النقب التي استوطنها البدو منذ القديم قبل أن يُهجَّر أغلبهم منذ 1948، و«صحراء الأمازيغ» للكويتي عبد الله المخيال الذي رصد نمط حياة البدو في أقصى المغرب العربي.
طبعاً، هذه الأفلام تُعرض لمصالحة أبناء المنطقة مع الفضاء الصحراوي، لا من أجل التنافس واقتناص الجوائز، إذ لا جوائز هناك ولا لجنة تحكيم ولا بساط أحمر في الافتتاح ولا بزَّات سموكينغ في الاختتام. حفلة الاختتام كانت فرصة لتكريم فنان مغربي من جيل الرواد. إنّه الممثل القدير عبد الجبار الوزير الذي احترف المسرح سنة 1948. ومنذ ذلك التاريخ، قدّم 74 مسرحية إضافة إلى رصيده السينمائي، حيث شارك في العديد من الأفلام مثل «لورنس العرب» لدافيد لين، «الملوك الثلاثة» لسهيل بن بركة و«حلاق درب الفقراء» لمحمد الركاب...