لأوّل مرة في تاريخ السينما السورية، يتمّ التطرّق إلى هذا الموضوع. «مرة أخرى» يقارب العلاقات بين البلدين من خلال قصة ابن أحد الضباط السوريين. العمل يتناول أيضاً أثر الحرب على حياة السوريين واللبنانيين بمشاركة ممثلين من البلدين
دمشق ــ وسام كنعان
لا تزيد ميزانية «مؤسسة السينما» في دمشق على مليون دولار، وهو الأمر الذي تتحجّج به إدارة المؤسسة لتبرير غياب الإنتاج الحقيقي للفيلم السوري. إذ اعتادت في سنوات عطائها أن تنتج ثلاثة أعمال حداً أقصى، يكون أحدها دوماً للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد. إلا أنّ هذا الأخير تخلّى هذه المرة عن دفّة القيادة لمصلحة مخرج شاب هو جود سعيد. هكذا، يشارك عبد الحميد في الشريط كممثل رئيسي ومشرف درامي وفني أيضاً. قطع فريق العمل شوطاً جيداً في مشوار تصوير الفيلم الذي يحمل اسم «مرة أخرى» (تنتجه «مؤسسة السينما» مع «شركة سوريا الدولية للإنتاج الفني») ما يبشّر بدخول القطاع الخاص إلى الإنتاج السينمائي السوري.
الشريط الذي فضّلت الشركة المنتجة تصويره في الشام وفي قرى ساحلية سورية بسبب كلفة تصويره في لبنان، تقوم بدور البطولة فيه مجموعة ممثلين سوريين ولبنانيين هم: قيس الشيخ نجيب، عبد اللطيف عبد الحميد، كندة علوش، بيريت قطريب، آنجو ريحان، عبد الحكيم قطيفان، وجوني كوموفيتش وآخرون. ويتناول العمل ـــــ لأول مرة في تاريخ السينما السورية ـــــ العلاقات السورية اللبنانية من خلال مرحلتين: الأولى هي بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، فيما تتناول المرحلة الثانية عدوان تموز 2006 من خلال قصة ابن أحد الضباط السوريين الذين كانوا موجودين في لبنان، وما حصل معه خلال هاتين الفترتين العصيبتين. وعن هذه التجربة، يقول المخرج جود سعيد لـ«الأخبار»: «إنّها حكاية زمنين تتكرّر فيهما أحداث متشابهة أحياناً. وهي طرح لما تركته الحرب من أثر على حياة السوريين واللبنانيين وعلاقتهم. طبعاً، سيكون الحدث خلفيةً لقصة حب بين مديرة بنك (بيريت قطريب) آتية من لبنان، لها تاريخها وماضيها في الحرب اللبنانية، وشاب سوري (قيس الشيخ نجيب) يعمل مهندساً للمعلوماتية في البنك ويحمل ماضيه وماضي والده الذي خاض الحرب الأهلية في لبنان». مَن يستمع إلى فكرة الفيلم، سيخطر في باله أنّ مخرجه الشاب يحاول نقل أحداث شخصية عاشها أو مرّت مع والده الذي هو من كبار الضبّاط الذين كانوا لسنوات طويلة في لبنان. لكن جود يردّ: «ربما تنطلق الأحداث من مرحلة عايشتها، لكنّ حكاية الفيلم متخيّلة من الألف إلى الياء ولا تمتّ لحياتي الشخصية بصلة، وإن كانت لها خلفيات واقعية».
إذاً، يقود جود سعيد فيلمه الطويل الأول بعد شريطين قصيرين هما «مونولوج» و«وداعاً». وسيحقق العمل الذي سيكون جاهزاً للعرض في «مهرجان دمشق السينمائي» الخريف المقبل سابقةً من حيث فترة إنجازه الزمنية الوجيزة التي لن تتجاوز ستة أشهر، وسيتاح للجمهور العربي مشاهدته أيضاً. ولن تكون المسلسلات الدرامية السورية هي الوحيدة التي تتكتم عن ميزانياتها. كذلك هي حال السينما السورية بعدما كانت تتباهى بإنتاجها لأفلامها بكلفة بسيطة. لكنها اليوم تجعل من ميزانية «مرة أخرى» سراً ترفض البوح عنه.
وعن دوره في الفيلم، يشرح عبد اللطيف عبد الحميد لـ«الأخبار»: «أعمل ضمن حقل مخرج هو من أكثر الشباب تميّزاً، وأحاول الإسهام في تحقيق رؤيته الإخراجية الخاصة به التي قد تختلف عن رؤيتي. لكنّ وجودي هنا يحتّم عليّ خوض غمار التجربة من منظوره هو. أما بالنسبة إلى دوري، فأجسد شخصية غنية، قريبة جداً من القلب ضمن تعقيدات الشخصيات الأخرى. وأقوم بدور الأب والأم لبطل الفيلم مذ كان طفلاً حتى أصبح شاباً. للفيلم نكهة خاصة عموماً وهو يختلف عن كل الأفلام السورية التي أنتجت أخيراً وأنا متفائل جداً به».
وعن دورها في العمل، تقول الممثلة الشابة كندة علوش: «أؤدي دور فتاة تعشق مجد (قيس شيخ نجيب) الذي يبتعد عنها بسبب علاقته بمديرة البنك الذي يعمل فيه فتحاول الدفاع عن قصة حبهما».
أما الممثلة اللبنانية بياريت قطريب التي تقوم بدور مديرة البنك، فتعوّل على تجربتها السينمائية الأولى في سوريا. وعن دورها، تقول بياريت: «هي امرأة لبنانية عانت من ويلات الحرب وكان لها ماضٍ يحمل ذاكرة من الألم، لكنها ستدخل المجتمع السوري لتعيش قصصاً، بعضها يعيدها إلى ذاك الماضي ثم تعيش قصة حب جميلة مع شاب اسمه مجد، وستضطرّ لتتبّع سلوك مؤثر للغاية في نهاية الفيلم».
ويبقى سؤال: هل سيقارب الشريط الشوائب التي طالت العلاقات اللبنانية السورية، أم سيكتفي فقط باستخدام تلك المرحلة كـ«ديكور» زمني للأحداث؟ يجيب المخرج جود سعيد بأنّه سيكون هناك «تعريج على هذه المسألة وعلى بعض الممارسات السورية في لبنان، لكن من زاوية مختلفة»، داعياً إلى التروّي وانتظار عرض الشريط قبل الحكم عليه.


في أيدي القطاع الخاص

لن يبتعد الفيلم الجديد لجود سعيد عن فكرة «مرة أخرى». إذ ستكون العلاقة بين سوريا ولبنان محور عمله الجديد الذي سيتناول قصة حب تدور قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان. من جهة أخرى، تأجل بدء تصوير الفيلم الجديد لعبد اللطيف عبد الحميد (الصورة) بعدما كتب نصّه وسيبدأ تصويره في الخريف المقبل، وقد أبرم عقد إنتاجه مع «شركة الرحبة للإنتاج الفني» (هيثم حقّي) وهي المنتج المنفذ لشبكة «أوربت» التلفزيونية. فيما سيكون عبد الحميد على أهبة الاستعداد بعد انتهاء تصوير الفيلم للدخول في عمل آخر تدور أحداثه بين روسيا وسوريا. يُذكر أنّ عبد الحميد لم يرسُ بعد على اسمين نهائيّين لفيلميه.