19 فناناً يشتغلون في الرسم والتركيب والتصوير يجمعهم معرض «فلسطين: الإبداع في كلّ حالته»، في «معهد العالم العربي» في باريس
نجوان درويش
«فلسطين: الإبداع في كل حالاته»، المعرض الجماعي الذي افتتح أخيراً في «معهد العالم العربي» في باريس، يكشف عن غنى وحيوية في المشهد الفني الفلسطيني والعربي. أعمال مشغولة بمختلف الوسائط التعبيرية، من الرسم إلى التركيب والتصوير الفوتوغرافي والفيديو، وقّعها تسعة عشر تشكيلياً، من سامية حلبي (1936) وكمال بُلاطه (1943) ومنى حاطوم (1952) مروراً بشريف واكد (1964) وتيسير البطنيجي (1966) ورنا بشارة (1971) وآملي جاسر (1970) إلى ستيف سابيلا (1975) وهاني زعرب (1976) وغيرهم... يحمل المعرض تقدماً نوعياً عن المعرض الذي أقامه «معهد العالم العربي» في تظاهرة «ربيع فلسطين» عام 1997. لا شك في أن مرور عقد من الزمن يظهر تطور المشهد التشكيلي الفلسطيني والأسماء الجديدة التي التحقت به، وخصوصاً أن عملية اختيار الفنانين تجنّبت هذه المرّة مجموعة من الأسماء «المكرّسة».
يُمثّل المشاركون جغرافيا الأجيال والتوجهات التي قدَّمت أعمالها على امتداد أكثر من نصف قرن في الوطن المحتل وفي أرض اللجوء. ولعلَّ المستوى الفني لأكثرية المشاركين في هذا المعرض أفضل ـــــ لناحية تمثيله للفن الفلسطيني والعربي ـــــ من مستوى التمثيل الذي قُدّم أخيراً في المعرض الفلسطيني على هامش «بينالي البندقية 53»، والذي اندرج ضمن «فعالية جانبية» على هامش البينالي، ولم يكن «جناحاً فلسطينياً» كما أشاع منظّموه.
أمام الأعمال المشاركة في معرض «فلسطين: الإبداع في كل حالاته»، الذي نسّقته منى خزندار، نلحظ غلبة فنون الفيديو والتركيب الإنشائي والتصوير الفوتوغرافي، فيما يأخذ الرسم مساحة صغيرة لكنَّها نوعية. كمال بُلاطه قدّم ثلاث لوحات مرسومة عام 2001 حيث يبني التشكيلي علاقته باللامرئي (الروحي) من خلال الهندسة ليحقق ذلك التزاوج بين السماوي والأرضي الذي عرفه في القدس. سامية حلبي تشارك بلوحة واحدة بعنوان «فلسطين من النهر إلى البحر» (2003)، فيما يشارك هاني زعرب ـــــ أحد أبرز رسامي جيله ـــــ بثمانية لوحات قدّمها في معرضه الأخير «ستاند ـــــ باي» الذي يتناول ستينية النكبة الفلسطينية. يسجّل لزعرب قدرته على تقديم لوحة فيها قدر من الصدمة والخلخلة لفن الرسم، وخصوصاً أنّ الاهتمام بهذا الأخير يتراجع أمام وسائط التعبير الجديدة.
في التركيب، تقدّم آملي جاسر واحداً من أعمالها الذي سبق أن عرض في المعرض الجماعي «صنع في فلسطين» (تكساس؛ الولايات المتحدة 2003). العمل هو خيمة قامت الفنانة بتطريز أسماء القرى التي دمّرها احتلال في 1948 يدوياً عليها. وتعرض منى حاطوم هنا أيضاً عملها «بخارى» (أحمر وأبيض ـــــ 2008) وهو عبارة عن سجادة نفّذت عليها التشكيلية خارطة للعالم مكتنزة بالدلالات السياسية والثقافية. من جهتها، تقدّم رنا بشارة عملين تركيبيين؛ أحدهما «كوفية للأسرى» (2009) مصنوعة من الكلبشات البلاستيكية و«تكريم للطفولة» (2008) الذي يوظِّف البالونات الملوَّنة وصور الأطفال. تحت عنوان «الولايات المتحدة الفلسطينية» (2008) يقدّم خليل رباح عملاً يبدو إكزوتيكياً أكثر منه فناً مفهومياً. في مجال التصوير الفوتوغرافي، يبرز عمل ستيف سابيلا «في المنفى»(2008)، ويقوم على إيجاد شكل بصري لحالة المنفى. وفي مجال الفيديو، يقدّم شريف واكد عمله اللافت عن «الحواجز» «تشيك ـــــ بوينت» (2003) وهو عرض أزياء خاصة بالمرور عبر حواجز الاحتلال. حسّ الكوميديا السوداء الخفيفة نجده أيضاً في أعمال لاريسا صنصور. أمّا فيديو ساندي هلال، فيقدِّم من خلال شاشتين مختلفتين روايتين متناقضتين لحياة المخيم على لسان شابتين من سكانه، تُبثّان في الوقت نفسه. أما سهى شومان، فيبدو عملها أقرب إلى تسجيل الذاكرة الفلسطينية المشحونة بـ«النوستالجيا». وقد انفرد تيسير البطنيجي في «يوميات غزة» بلغة بصرية بالغة الحساسية والغنى، تتميز بها أعماله في مجال الفيديو..


حتّى 22 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ــــ «معهد العالم العربي» (باريس). www.imarabe.org