نجوان درويش لم يمر معرض «القدس أبجدية الألوان» الذي أقامه «حوش الفن الفلسطيني» في القدس على خير، إذ سحب القائمون أعمال سليمان منصور على خلفية «شهادته» التي قدّمها العام الماضي لمصلحة الإسرائيلية غانيت أنكوري التي انتحلت في كتابها «الفن الفلسطيني» (2006) أبحاث كمال بلاطه (الصورة) عن تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني. و
> تضمن المعرض، الذي أقيم بتمويل من "الصندوق العربي للثقافة والفنون" وتم وضعه في إطار "القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009 "-كما تفعل معظم المؤسسات الفلسطينية هذه الأيام بفعالياتها، تضمن أعمالاً لتسعة فنانين فلسطينيين ممن عاشوا في القدس وجوارها وظهرت المدينة في أعمالهم، وبشكل خاص الفنانين الذين عاشوا فيها قبل الاحتلال الثاني لعام 1967، ومن هؤلاء فلاديمير تماري وكمال بلاطه وصوفي حلبي وداوود زلاطيمو وجمانة الحسيني وفيرا تماري التي كانت أيضاً قيّمة المعرض بالاشتراك مع تينا شرول.
مقدمة المعرض التي حملت توقيع «حوش الفن...»، تتناول القدس «قبل احتلالها عام 1967»... فيما احتلال المدينة بدأ عام 1948 عندما احتلت ضواحي قسمها الغربي. وإن شئنا الدقة، فاحتلال القدس في العصر الحديث بدأ بالاحتلال البريطاني عام 1917. هل تنسجم مقولة «حوش الفن» مع المقولة الرسمية لاحتفالية «القدس» التابعة لتوجّهات «السلطة الفلسطينية» السياسية حين تتحدث عن حدود 1967؟ هل هي تبعية واعية للخطاب السياسي البائس أم سقطة غير مقصودة من كتبة «مقدمة» المعرض؟
يبدو سحب أعمال منصور على خلفية سلوكه السياسي المتخاذل سابقة مهمة تلكّأ «حوش الفن» عن القيام بها بعد ضغوط من كمال بُلاطه الذي رفض عرض لوحاته في معرض يشارك فيه سليمان منصور.ولا سيما أن بلاطه-الذي يعيش في فرنسا- لم يبلّغ بمشاركة منصور وعلم بها عن طريق الصدفة بعد افتتاح المعرض. وخلال محاولته إيجاد «تسوية»، أجبرَ «حوش الفن الفلسطيني» منصور على كتابة رسالة يبرّر فيها رسالته التي وقّعها لمصلحة الأكاديمية الإسرائيلية ومحاميها، كما جعله أيضاً يكتب رسالة للأكاديمية الإسرائيلية طالباً منها ألا تستعمل رسالته في دعاواها القضائية المقبلة. والعجيب أنّ هذا الطلب جاء بعد فوات الأوان، لأنّ الرسالة استُعملت وحقّقت الضرر المطلوب، وما مناورة منصور سوى ذرّ للرماد في العيون أكثر منه محاولة لتدارك الخطأ الجسيم. ولعل اتخاذ مواقف ملموسة من فنانين تجاوزوا «حدود التعاون» إلى ضرب زملائهم لمصلحة إسرائيلية سيكون عنواناً لمرحلة مقبلة من المراجعة الثقافية، إذ بعث أخيراً هاني زعرب إلى غاليري «نبض» في عمّان، التي تتهيّأ لمعرض يضم مجموعة فنانين فلسطينيين وأردنيين (26 الحالي)، رسالةً أعلن فيها عدم مشاركته إذا كان سليمان منصور مدعوّاً أيضاً.