نجوان درويشلم تعد هناك حاجة إلى فبركة «شريك عربي» ضعيف لـ«المشاريع» التي يبادر إليها إسرائيليون، ويغطيها أوروبيون، في مجالات الفنون والإعلام. الإسرائيليون أصبحوا يلعبون بطريقة مكشوفة، كما يحدث في مشروع «غرين هاوس» الذي يموّله «برنامج الاتحاد الأوروبي البصري السمعي» (يوروميد) وينفرد الإسرائيليون بإدارته، بعدما وجدوا صعوبات في توفير شريك فلسطيني أو عربي لإدارة «المشروع» الذي يتوجه إلى صانعي أفلام وثائقية، هواة ومحترفين، من فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر والمغرب وتونس والجزائر وتركيا و ــــ بالطبع ــــ «إسرائيل».
مشروع «غرين هاوس بدأ أواخر عام 2005 على أن تديره «المؤسسة الجديدة للسينما والتلفزيون في إسرائيل» مع «مهرجان رام الله السينمائي الدولي» (أقيمت دورة واحدة منه عام 2004، قبل أن يتوقف). لكن «الشريك الفلسطيني» أعلن انسحابه المبكّر من المشروع، إثر مقاطعته من جانب المخرجين الفلسطينيين... فما كان من «المدير الإسرائيلي» إلا أن استأجر «منسّقة عربية» لتتصل بالمخرجين الفلسطينيين والعرب في السنتين التاليتين، قبل أن يستغني عنها أخيراً وفق الوصفة الإسرائيلية الجديدة. «المشاريع المشتركة» ــــ أو «مشاريع التطبيع» كما يفضل بعضهم تسميتها ــــ يمكن أن تدار إسرائيلياً فقط، ولا حاجة إلى «شريك» فلسطيني أو عربي يؤدّي دور الواجهة التي تلطّف عملية الاستغفال و«الحوار» وفق النموذج الكولونيالي: «بيض» يُملون ويعلّمون، و«سود» يهزّون رؤوسهم! الإسرائيلي يتسلّم الميزانية الكبيرة من الاتحاد الأوروبي ويدير المشروع... والعربي يتم استدراجه ــــ واستعماله ضد قضاياه ــــ بقليل من الفتات وأوهام نيل الحظوة. هذه أطروحة «غرين هاوس»، وعلى صانعي الأفلام العرب إرسال طلبات الاشتراك مباشرة إلى تل أبيب! أما ما يثير الاستغراب (والاستشراق أيضاً)، فهو وجود قناة «الجزيرة انترناشونال» (الجزيرة الإنكليزية) ضمن المؤسسات الإعلامية الداعمة لمشروع «غرين هاوس». كما نجد على الموقع الإلكتروني لـ «غرين هاوس» اسم مديرة مهرجان «أيام قرطاج السينمائية» التونسية درة بوشوشة، ضمن قائمة أصدقاء «غرين هاوس» من الإسرائيليين والغربيين. فما هو الدور الذي أدّته بوشوشة؟ وهل ساعدت المشروع على الوصول إلى مشاركين من بلدان المغرب العربي، كما أكّد لنا أحد السينمائيين الفلسطينيين؟
استضاف «غرين هاوس» في السنوات الثلاث الماضية قرابة 30 مشاركاً عربياً، أكثرهم من المبتدئين في صناعة الأفلام الوثائقية، وقد عمل هؤلاء جنباً إلى جنب مع إسرائيليين أكثر تمرساً، وبإشراف «المؤسسة الجديدة للسينما والتلفزيون في إسرائيل»!
www.ghfilmcentre.org