زحمة أفلام، إلغاء ندوات، فـ... إعلان براءة من أعمال مختلفة. تلك كانت حال «المهرجان القومي للسينما» الذي اختُتمت دورته الـ15 الأسبوع الماضي
محمد عبد الرحمن
في مصر مهرجانان فقط للأفلام الطويلة يحملان الصفة الدولية: «القاهرة السينمائي الدولي»، و«الإسكندرية السينمائي الدولي»... في وقت تكثر المهرجانات المحلية في النصف الأول من كل عام لتقويم إنتاج العام السابق. ولعلّ أحد أبرز هذه التظاهرات السينمائية هو «المهرجان القومي للسينما» الذي ينظّم في شهر نيسان (أبريل) من كل عام. في هذا الشهر، تكون كل المهرجانات الباقية قد أنهت ضجتها المفتعلة ليلعب «المهرجان» القومي دوره الأساسي في تقديم تقويم شبه شامل لموسم سينمائي كامل.
يتميّز هذا الحدث السينمائي السنوي بأنّه، عكس المهرجانات الأخرى، يفتح المجال أمام أي فيلم للمشاركة، وهو القانون الذي سبّب حرجاً كبيراً له في سنوات سابقة. وقتها، كان إنتاج السينما المصرية يبلغ 20 شريطاً سنوياً. وكان نصف هذا العدد فقط، يحرص على المشاركة، وخصوصاً بعد تأكيد نجوم الكوميديا رغبتهم في عدم الخضوع للتقييم ما داموا قد حقّقوا النجاح في شباك التذاكر. حتى أنّ رئيس المهرجان علي أبو شادي كان يفكر جدياً في جعل المشاركة إجبارية. لكن المنتجين غيّروا رأيهم في الدورة الأخيرة التي حملت الرقم 15 وانتهت الأسبوع الماضي وشارك فيها 34 شريطاً من أصل 48 عُرضت في 2008. وقد سبّب هذا الأمر حرجاً من نوع آخر لإدارة المهرجان. إذ إنّ مدة الفعاليات لا تسمح بعرض كل هذه الأفلام، ومن هنا، بدأت أزمات الدورة الأخيرة. ألغيت حفلة الافتتاح واستُبدلت بعرض أربعة أفلام، ما أدى إلى إطلاق المهرجان من دون دعاية. علماً بأنّ المهرجان الذي يعرض أفلامه مجاناً للجمهور في «مسرح الجمهورية»، لم يحظ بإقبال كبير باستثناء أفلام النجوم. كذلك، فإن أوقات العرض ــــ 11 صباحاً ثمّ الثانية من بعد الظهر ــــ لم تناسب كثيرين، فانصبّ الاهتمام على عرضي الخامسة والثامنة مساءً.
ولزيادة الطين بلة، أُلغيت ندوات المكرمين الخمسة على عكس المعتاد لتزداد محاصرة المهرجان، لأن تلك الندوات كان تجذب الصحافة والإعلام لمتابعة فعاليات المهرجان. إذ يُعدّ التكريم من أبرز معالم المهرجان، وخصوصاً أنّه يصدر سنوياً خمسة كتب. ورغم صدور هذه الكتب هذا العام لكل من عادل إمام ويسرا والمخرج سمير سيف والناقدة خيرية البشلاوي ومهندس الديكور مختار عبد الجواد، إلا أن الصحافيين والمهتمين حصلوا على الكتب من مكاتب المهرجان بدلاً من حفلة الافتتاح أو ندوات المكرمين كما كان معتمداً. وبالطبع لم تخضع الإصدارات لأي مناقشة، وجاء غياب عادل إمام عن الحفلة الختامية ليزيد من أزمات المهرجان رغم حضور معظم النجوم. فيما أثارت الجوائز نفسها جدلاً مستغرباً بسبب حصول فيلم «بلطية العايمة» على أربع جوائز. ما جعل بعضهم يصف ذلك بالأمر غير المتوقع، لكن اللجنة التي ترأسّها جمال الغيطاني انحازت لفيلم عبلة كامل، فيما كانت الأجواء مهيأة داخل الكواليس لحصول «كباريه» و«خلطة فوزية» و«حسن ومرقص» على الجوائز إلى جانب الفيلم الأبرز «آسف على الإزعاج»... لكنّ ذلك لم يحدث.
رغم كل ما سبق، سجّل المهرجان ظاهرة اعتبرها كثيرون «صحية للغاية». إذ شهدت ندوات عدة مفاجآت من الفنانين والمخرجين المدعويين. هكذا أعلن هؤلاء عن براءاتهم من الأعمال التي قدّموها. مثلاً اعتذر مخرج فيلم «لحظات أنوثة» وأبطاله، وعلى رأسهم جومانة مراد، عن عدم حضور الندوة الخاصة بالشريط، وذلك بعدما هاجم الجمهور هذا العمل بضراوة كبيرة. كما خرج مخرج «بنات وموتوسيكلات» فخر الدين نجيدة بمفاجأة أنّه ليس المخرج الحقيقي للفيلم، لكن المنتجة مي مسحال استعانت به للتغطية على المخرج الأصلي الذي لم يكن يحمل عضوية النقابة. وبدلاً من دفع غرامة قدرها 100 ألف جنيه (حوالى 18 ألف دولار)، طلبت من نجيدة، وهو زوجها السابق، وضع اسمه على الفيلم رغم أنه خلال فترة التصوير والعرض، لم يذكر أحد معلومة وجود مخرج أصلي وآخر معلن.
وقد مثّلت هذه المفاجآت محور اهتمام للنقاد والمتابعين، لكون تلك الأفلام قد حظيت بدفاع كبير من صنّاعها لدى عرضها تجارياً. لكن إعلان البراءة منها جاء ليؤكد رغبة هؤلاء في التنصل من المسؤولية ويجدّد أهمية المهرجان كوسيلة لـ«كشف حساب» السينما المصرية عاماً تلو الآخر.
يذكر أن تلك المفاجآت والاعتذارات تكررت في أفلام أخرى، ما جعل المهرجان فرصة حقيقية لفرز الأفلام المشاركة. لكن في الوقت نفسه انتهت الدورة بالمطالبة بوجود لجنة مشاهدة تعمل طوال العام على اختيار الأفلام المؤهّلة للعرض على لجنة التحكيم. علماً بأنّ هذه الأخيرة أصبحت الأولى على مستوى العالم التي تشاهد 34 فيلماً في أسبوع واحد.


غاب «الزعيم» وحضر حلمي

يثير عادل إمام الجدل في حضوره وأيضاً في غيابه. إذ فوجئ الجميع بعدم حضوره لتسلم درع التكريم من وزير الثقافة فاروق حسني مساء الخميس الماضي في المسرح الكبير في دار الأوبرا ضمن فعاليات «المهرجان القومي للسينما». وانطلقت الهمسات التي تقول إن إمام لم يقبل أن يأتي مكرماً بينما فيلمه المشارك في المهرجان لم يحصل على أي جوائز بل ذهبت إلى «آسف على الإزعاج» لأحمد حلمي. لكن الرواية التي كانت أقرب للتصديق هي أن إمام رغم قبوله التكريم وإصدار الكتاب التذكاري عنه بعنوان «ضحكة مصر» ما زال يرفض التكريم الجماعي ويصر على أن يكون المكرّم الوحيد في أي مهرجان مصرياً.