وحده فيلم السينمائي الفلسطيني دخل المسابقة الرسمية. فيما يقتصر الحضور العربي على التظاهرات الموازية، أو على عضويّة في لجان التحكيم
عثمان تزغارت
بين ثلاثة أفلام دار الحديث عنها خلال الاختيارات الأوّلية، سيكون «الوقت المتبقّي» للفلسطيني إيليا سليمان، العمل العربي اليتيم المشارك في المسابقة الرسمية... بعدما استُبعد «الحراقة» للجزائري مرزاق علواش الذي لم يُستكمل بعد و«إبراهيم الأبيض» للمصري مروان حامد الذي سيقتصر حضوره على... «سوق الفيلم».
ولن يكون حظّ السينما العربية أوفر في التظاهرات الموازية. إذ لا يوجد فيلم عربي على برنامج «نظرة ما»، فيما يحتضن «أسبوع النقاد» عملاً واحداً هو «وداعاً غاري» سيدخل المنافسة على جائزة «الكاميرا الذهبية»، كونه الأول لمخرجه الجزائري نسيم عماوش. أما تظاهرة «أسبوعي المخرجين»، فتضم «يا للحسْن»، سينافس على «الكاميرا الذهبية» لأنّه الأوّل للسوري رياض سطوف. وهناك أيضاً في التظاهرة ذاتها، فيلم فلسطيني ـــــ إسرائيلي مشترك بعنوان «عجمي» من إخراج يارون شاني وإسكندر قبطي، الأوّل سينمائي إسرائيلي تقدمي، والثاني تشكيلي وسينمائي فلسطيني من الأراضي المحتلّة عام 1948.
ها هو إيليا سليمان يعود إلى «كان» من بابه العريض إذاً مع «الوقت المتبقي». ولعلّها المرّة الأولى في تاريخ المهرجان التي يُقبل فيلم فلسطيني في المسابقة الرسميّة، من دون أن يبرمج في المقابل فيلم إسرائيلي، ضمن لعبة توازنات تغلب فيها الحسابات السياسية. هكذا كانت أعمال ميشيل خليفي ورشيد مشهراوي وإيليا سليمان تتجاور مع أفلام سينمائيين إسرائيليين أمثال عاموس غيتاي أو آفي مغربي. وفي 2004، وصل الأمر ببعض أعضاء لجنة التحكيم إلى المطالبة بمنح «سعفة ذهبية» مشتركة إلى عاموس غيتاي (كيدما) وإيليا سليمان (يد إلهية)، كنوع من «التأييد الرمزي لمسار السلام الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي»! لكن تلك الفكرة أُلغيت بعدما تبيّن أنّ «كيدما» لم يكن أفضل أفلام غيتاي ولا أكثرها تمسكاً بقيم السلام، ما وضع لجنة التحكيم في موقف حرج جعلها تحجب السعفة الموعودة عن «يد إلهية» وتكتفي بمنحه «الجائزة الكبرى»!
فيلم إيليا سليمان الذي توقف بعض الإعلام العربي عند كونه لا يشارك باسم فلسطين، بل تحت راية فرنسا ـــــ بلجيكا ـــــ بريطانيا ـــــ المملكة المتحدة (حسب الموقع الرسمي للمهرجان)، هو عمل بيوغرافي يروي وقائع 60 سنة من الشتات الفلسطيني عبر يوميات ومذكرات ثلاثة أجيال لعائلة من أراضي 48. أما الحضور الإسرائيلي، فيقتصر على تظاهرة «نظرة ما»، ويتمثّل بمخرجة تقدّمية هي كارين ييدايا التي ستقدّم «يافا». وكانت ييدايا قد أطلقت صرخة شهيرة على خشبة «كان»، حين تسلّمت جائزة «الكاميرا الذهبية» عن «أور» عام 2004. إذ قالت: «متى ستفهمون، أنتم الغربيون، أنّ أفضل خدمة تقدّموها لنا نحن الإسرائيليين هي منعنا من مواصلة الاحتلال؟». ويقول المفوّض العام للمهرجان، تيري فريمون لـ«الأخبار»: «قرار إدراج فيلم إيليا سليمان في المسابقة، فيما اقتصرت مشاركة كارين ييدايا على التشكيلة الرسمية إنما خارج المسابقة، دليل على أننا لم نغلّب الاعتبارات السياسية، بل تعاملنا مع الفيلمين انطلاقاً من قيمتهما الفنية».
فلسطين ستكون حاضرة أيضاً عبر فيلم قصير للأردنية ديما حمدان: «غزة ـــــ لندن» يروي قصة شاب فلسطيني مقيم في لندن يحاول التواصل مع أهله في غزة خلال العدوان الأخير. وسيُعرض ضمن تظاهرة Short Film Corner.
وسيكون للسينمائيين العرب حضور من نوع آخر عبر اختيار اثنين لعضويّة لجان التحكيم. التونسي فريد بوغدير الذي قدّم هنا أوّل أفلامه الروائية «حلفاوين، عصفور السطح» (1990)، يعود إلى الكروازيت عضواً في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة. أما الممثل والمخرج المغربي رشدي زام الذي أحرز جائزة أفضل ممثل، مناصفةً مع رفاقه في «بلديون» لرشيد بوشارب (2006)، فسيرأس لجنة تحكيم مسابقة «الكاميرا الذهبية» التي تكافئ الأعمال الأولى المعروضة في «نظرة ما» أو «أسبوعي المخرجين»...