بيسان طيثم نعود إلى الأحداث التي شهدها لبنان عام 2005: عودة اللواء عصام أبو جمرا التي تعني عودة العماد ميشال عون، إنها مناسبة أيضاً لاستعادة مرحلة من الصراع الماروني ـــــ الماروني، أي الحرب بين عون وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع. تحفر إليان في الذاكرة المارونية، تسرد الأحداث التي عاشها لبنان بكثير من الحياد، النص السردي وحده يبدو حيادياً. كل شيء في شريط الراهب يدعونا إلى أن نطرح على أنفسنا أسئلتها هي: الكاميرا ليست فقط ناقلاً للمشهد، إنها أداة المخرجة للتعبير والتحريض واللعب على أوتار متعددة. الشخصيات لا تروي سيرتها الشخصية فقط، بل ما تريد الراهب أن تقوله لنا. زينة صفير تتذكر يوم قتلت «القوات اللبنانية» عمها، عفيف دياب يرفض أن يجيب عن سؤال «شو طايفتك؟». وبعد إلحاح، يردد: «أنا علماني». فادي أبو جمرا عاد بعد انسحاب السوريين من لبنان، لكنه لم يجد الوطن كما أراده.
عفيف دياب مجدداً يأخذنا إلى كفرشوبا، يحكي عن بيته الذي لم يكتمل تشييده منذ سنوات، عن قرية تتعرض باستمرار للاعتداءات الإسرائيلية. ثم تلحق الكاميرا والد إليان عند أبواب كنيسة في الجنوب. تطرح الابنة عليه أسئلتها عن طائفته والطوائف الأخرى. الرجل ليس متعصباً، لكنّه جزء من النسيج اللبناني المقتنع بانتمائه الطائفي. كثيرون يتساءلون: «وهل كان لبنان موجوداً لولا الموارنة؟». أما الأب فيردد في الختام رأيه بابنته: «أنت الابنة الضالة، أفكارك مختلفة عن أفكاري، لكنك ستعودين يوماً إلى اقتناعاتنا». في «هيدا لبنان» كأننا بإليان تقول: «سجّل أنا الابنة الضالة عن طريق الطائفية». وهي إذ تجعل نفسها جزءاً من الفيلم، فإنها توجه دعوة إلى كل الأبناء ليكونوا أولاداً يضلون طريق الطوائف ليلتقوا عند مساحة صغيرة يدافع عنها العلمانيون.