مناظرات الحاضرة مفكّرة حافلة بالمواعيدزينب مرعي
منذ 2000، تحاول كلّية الهندسة المعماريّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت أن تؤدي دورها في المدينة، عبر مشروع City Debates. الملتقى الذي ينطلق اليوم يتزامن مع حدث آخر هو Regards-sur-Ville الذي يتمحور حول بيروت من تنظيم «المركز الثقافي الفرنسي». وبينما يناقش «المشروع الفرنسي»، حتى نهاية الشهر، اختفاء العمارة القديمة من العاصمة اللبنانية، ينطلق City Debates الذي يستمرّ يومين، بعنوان Avenues For Change بموضوع يريده حاملاً للأمل وبوادر التغيير، عبر مناقشة التخطيط المدني خارج إطار السلطات المركزيّةيجمع بين الحدثين طموحهما لأداء دور في سياق التوعية العامة في ما يتعلّق بحياة الحاضرة وانعكاسها على حياة الأفراد. لذلك تدور النقاشات هذه السنة في الجامعة الأميركية في بيروت ـ على غير عادة ـ باللّغة العربية. تقول منظّمة الحدث وأستاذة التخطيط المدني في كلّية الهندسة المعماريّة منى فوّاز: «أردنا أن نشمل أكبر عدد من سكّان بيروت في الموضوع، لأنّه موجّه إليهم أوّلاً». ويكاد الحدث يتخذ هذا العام طابعاً محليّاً، عبر التركيز على الأساتذة والمشاركين العرب. تشرح منى فوّاز: «الهدف من City Debates خلق مساحة نقاش بين الأكاديميين في مجال التخطيط المدني ومَن يزاول المهنة. كذلك انطلق المشروع من أنّ التنظيم المدني هو أكثر من موضوع مهني أو سياسي. هو يحدّد أنماط العيش، وله تأثير كبير على حياة الناس. لقد أصبح ضرورياً مناقشة مشاريع التخطيط المدني في المدينة ومع الناس».
City Debates (مناظرات الحاضرة) يطرح سنويّاً للنقاش موضوعاً يتعلق بالتغيّر الذي يطرأ على بيروت أو أي مدينة في لبنان. في 2006 مثلاً، ناقش تحوّل المدينة إلى مكان للأثرياء في لبنان والمنطقة، وتناول في 2007 تجارب الإعمار بعد حرب تموز. لكنّ موضوع السنة يأخذ منحى مختلفاً. تقول منى فواز: «اخترنا مناقشة موضوع التخطيط المدني ومفاهيمه خارج السلطة المركزيّة، لأنّ الطلاب الذين يشاركون في اختيار المواضيع ملّوا القضايا الإشكاليّة، وآثروا المشاركة في نقاش يشجّعهم على العمل. لذا قررنا مقاربة التخطيط المدني خارج حسابات الربح السياسي، ودعونا أصحاب التجارب التي لها أثر إيجابي في المدينة، كي نفهم الأسس التي يعتمدون عليها لتغيير تخطيط المدينة». ستكون «جمعية السبيل» مثلاً حاضرة لتتحدث عن تجربة إدخال المكتبات العامّة في التخطيط المدني، فهي بذلك ـــــ تشرح فوّاز ـــــ تخلق مساحة عامة لكل الناس، وتغيّر مفهوم الخروج للاستهلاك فقط. ومن جهة أخرى ستحضر «هيئة العمل الأهلي والدراسات لإعادة إعمار مخيّم نهر البارد» التي تحاول اعتماد تجربة جديدة أيضاً، هي إشراك أهل المخيّم في تطوير مخطّط إعادة الإعمار.
أمّا تظاهرة Regards-sur-ville (نظرات إلى المدينة) التي تضمّ معارض ومحاضرات وندوات وعروض أفلام، فستناقش موضوع المدينة من منظار فنّي وثقافي لا تقني وعلمي فقط. البرنامج الذي ينطلق غداً الخميس في «المركز الثقافي الفرنسي»، سيقدّم نظرة الفنانين إلى التراث الهندسي للمدينة وكيفيّة المحافظة عليه. منظّم الحدث جاني بورده يشرح: «أرى في بيروت إرثاً وطنياً وثقافياً بالغ الأهميّة، لكنه مع الأسف في طريقه إلى الانقراض. أريد أن يصل هذا المشروع إلى الناس ويحرّكهم، وسنبحث في كيفيّة المحافظة على جزء من ماضي المدينة وماضي قاطنيها. طموحنا أن ندرس العلاقة بين التراث والحداثة وكيفيّة تعايشهما في المدينة».
على برنامج التظاهرة الفرنسيّة، مواعيد معماريّة مهمّة أيضاً، بينها محاضرة المعماري الفرنسي دومينيك بيرو (راجع البرواز أدناه)، وأخرى عن إعادة ترميم مبنى بركات في السوديكو ليحتضن متحفاً خاصاً بـ«ذاكرة مدينة بيروت». ويشرح بورده نظرته إلى الموضوع قائلاً: «يجب المحافظة على بعض الرموز المعماريّة القديمة، لكن لا بهدف «متحفي» صرف، بل بهدف استعمالها أيضاً، مثل تحويلها إلى مراكز ثقافيّة. عبر هذا البرنامج المتعدد المشاغل، إذ يتسع لمجالات إبداعيّة مختلفة كالهندسة والأدب والسينما، نحاول أن نسلّط الضوء على تجارب نموذجيّة في هذا المجال، اعتمتدتها مدن أخرى كباريس وبرشلونة وغيرهما. المشاكل نفسها تقريباً تُطرح في كلّ المدن. لكنّ هدف الأمثلة التي نقدّمها هو التعرّف إلى نظرة الآخر إلى المدينة.».
ويضيف بورده ـ الملحق الثقافي في «المركز الثقافي الفرنسي» في بيروت ـ أنّه فتح المجال لمن يريد من الأجانب كتابة رسائل إلى بيروت لتُعرض طوال Regards-sur-Ville. ويقول «فوجئت بعثوري على رسالة من الكاتب الفرنسي مارك ليفي، وهناك أيضاً أسماء مهمّة أخرى». ويذكر بورده أنّ أجزاءً فقط من المشروع تدخل ضمن «بيروت عاصمة عالميّة للكتاب 2009»، وهو الجزء المتعلّق بالقراءات الأدبيّة عن المدينة وندوة Mediterranées التي تستضيف المهندس المعماري مارك باراني.


City Debates : 13 و14 الحالي ــــ الجامعة الأميركية في بيروت ــــ 01/353228
Regards-sur-Ville : 14 ــــ 29 الحالي ــــ للاستعلام: 01/420250
www.ccf-liban.org