تنبّه عثمان إلى حجم الهوّة بين ما أقرّته النصوص القانونية، وما شهدته المحاكمات الميدانية. وكانت المقاومة قد أقدمت في آب (أغسطس) الماضي على إعدام 21 متهماً بالتخابر في الساحات العامة، بعدما اغتيل ثلاثة من أبرز قيادات «القسام» (حماس).
وبما أنّ حادثة الاغتيال شكّلت تاريخاً مفصليّاً من عمر الحركة، سارعت بعض فصائل المقاومة إلى إجراء «المحاكمات الثورية» بدعوى وجود صلة بين المتهمين المعدومين، وقتل قيادات المقاومة في الحرب الأخيرة. إلا أنّ عثمان كشف النقاب عن 16 معدوماً كانوا معتقلين في سجن «الكتيبة» في غزّة منذ سنوات، ما يُبطل «المحاكمة الميدانية».
ومن بين هؤلاء 8 موقوفين غير مدانين قضائياً، و6 محكومين بالإعدام من دون استنفاد حقهم بالاستئناف، إضافة إلى اثنين آخرَين أحدهما محكوم بالسجن 15 سنة وقضى ثلث مدّة محكوميته، فيما الآخر محكوم بالسجن 20 سنة وينتظر الاستئناف.
إذاً، ما فعلته بعض فصائل المقاومة وفق تحقيق عثمان أنّها اختطفت هؤلاء من السجن ودانتهم بشكل نهائي بالتخابر مع الاحتلال، كما الآخرين الذي كانوا فقط مجرد موقوفين، وأعدمتهم بعدما صوّرتهم أنّهم مشاركون في اغتيال قيادات المقاومة.
دعّم عثمان التحقيق بسرد مواد قانونية مستقاة من قانون العقوبات الفلسطيني الثوري لعام 1979، أهمها وجوب تشكيل المحكمة الثورية للعسكريين فقط خلال فترة العمليات الحربية، ما لا ينطبق على المعدومين المتهمين خارج ميدان الحرب الأخيرة.
المعدومون كانوا معتقلين في سجن «الكتيبة» في غزّة
في المقابل، استشاطت «لجان المقاومة» غضباً مّما جاء في التحقيق على لسان متحدّثها علي الششنية حول مشاركتها في الإعدامات الميدانية. سرعان ما استدعت عثمان إلى مكتبها للتباحث معه مع تبييت النيّة للاعتداء عليه وفق الصحافي. وفي اتصال مع «الأخبار»، يؤكّد عثمان أنّ المقابلة التي أجراها مع الششنية خلال فترة عمله على التحقيق الذي استمر شهرين، «موثّقة بالفيديو ولا يمكن لأحد تكذبيها».
وحول سيف التهديد الذي طاوله، يقول الصحافي «هدّدني أعضاء من «لجان المقاومة» بتكرار الاعتداء عليّ جسدياً، بعدما شدّني أحدهم من شعري وخدش يدي، فيما انبرى الآخرون إلى التجريح بي واتهامي بالعمالة مع العدوّ الإسرائيلي، فضلاً عن ترهيبي بالقول «والله لنربيك»».
وتسابقت المراكز الحقوقية ونقابة الصحافيين على توثيق حادثة الاعتداء التي تعرّض لها الصحافي، فيما حرّر الأخير شكوى في الشرطة.
ويظل السؤال الأكثر إلحاحاً هنا «متى تصحو نقابة الصحافيين من غيبوبتها؟».