فرح داغررغم الانتقادات اللاذعة التي يوجّهها عدد كبير من الصحافيين المصريين إلى ميثاق الشرف الصحافي الذي لا يطبّق على أعضاء النقابة المصرية، يصرّ نقيب الصحافيين والأمين العام لـ«اتحاد الصحافيين العرب» مكرم محمد أحمد على إطلاق ميثاق شرف إعلامي عربي! هذا الميثاق ـــــ إن جرى تبنّيه ـــــ سيلزم الصحافيين العرب العمل على تضييق الخلافات العربية ـــــ العربية ويحدّ من قيام هؤلاء الإعلاميين بإفساد العلاقات بين دول المنطقة. وأكّد أحمد أن الميثاق سيكون بمثابة إعلان مبادئ يلتزم به الصحافيون العرب خلال معالجتهم قضايا الخلاف العربي ـــــ العربي بما يحول دون تحويل هذه الخلافات إلى صدام يصعب احتواء آثاره. وأشار أحمد إلى أنّ لجنة خاصة تعمل على تحديد مبادئ هذا الإعلان الذي ينبغي أن يشمل رفض حملات الكراهية المنظمة واتهامات الخيانة والعمالة و«الارتفاع بمستوى الحوار بين أنظمة الحكم في الدول العربية». ‏ويُفترض أن تناقش الأمانة العامة للاتحاد هذا الاقتراح في جلساتها الدورية المنعقدة حالياً في القاهرة.
لكن مع انتشار هذا الخبر، برزت تساؤلات عدّة عن هدف إطلاق الميثاق في هذا الوقت تحديداً. إذ تواجه الصحف الحكومية المصرية حالياً اتهامات من أطراف مختلفة، بتوسيع رقعة الخلاف بين النظام المصري وعدد من الدول العربية بسبب الهجوم غير المنطقي وغير المهني على شخصيات عربية مهمّة في المنطقة من دون محاولة تحليل موضوع الخلاف نفسه والتعمّق به. وآخر الأمثلة على ذلك الانتقادات التي وجهتها صحيفة «الجمهورية» بقلم رئيس تحريرها محمد علي إبراهيم إلى زوجة أمير قطر الشيخة موزة. واتّهم الرافضون لهذا الأسلوب الصحافي «الجمهورية» بتعميق الخلاف المصري ـــــ القطري. وكانت أغلب الصحف المصرية قد وجّهت أيضاً ـــــ ولا تزال ـــــ عبارات شديدة اللهجة إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله مع تصاعد أزمة ما يعرف بـ«خلية حزب الله» في مصر.
وكان رئيس تحرير مجلة «روز اليوسف» عبد الله كمال قد انتقد في مقاله الأخير كتّاباًَ ومحلّلين عرباً لم يرحّبوا باختيار الرئيس الأميركي باراك أوباما القاهرة لإطلاق خطابه الموجه إلى العالم الإسلامي. ولعلّ هذه الحدة في انتقاد كلّ مَن لا تعجبه السياسات المصرية، هي بمثابة تحريم لما يحلّله صحافيو السلطة لأنفسهم، من شتم وانتقاد لكل مَن يسيء إلى النظام المصري. هل جاء إعلان الرغبة في وجود ميثاق أخلاقي ينظّم العلاقة بين الصحافيين العرب نتيجة لكل ما سبق أن أوقف التراشق المستمر بين كل الأطراف؟ وهل ينجح ذلك فعلاً في حال صدوره، أم ينساه الجميع كما حدث مع «وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي» التي أطلقها وزير الإعلام المصري أنس الفقي العام الماضي ولم تحقق أي نتيجة؟ وأخيراً والأهم، هل يكون ميثاق الشرف وسيلةً جديدة تضاف إلى عتاد الحكومات العربية لكمّ أفواه الإعلاميين؟