صباح أيوب«مسلم على رأس القسم الديني في BBC»! الخبر شغل بريطانيا الأسبوع الماضي. بل أقام الدنيا في المملكة حتى اليوم. 115 شكوى وردت إلى إدارة «هيئة الإذاعة البريطانية» خلال 4 أيام، والمشكلة اسمها عقيل أحمد. ذلك «المسلم» الذي اختارته الإذاعة لتولّي منصب «مدير قسم الأديان والأخلاقيات» فيها. وهو أوّل مسلم يشغل هذا المنصب منذ تأسيس «بي بي سي». وقد رافقت خبر تنصيبه موجة من السخط والاستنكار من هيئات دينية مسيحية وأخرى إعلامية. أما الإذاعة البريطانية، فأوضحت أنّها «تعيّن موظفيها على أساس الخبرة والكفاءة». وطمأنت جمهورها المسيحي إلى أنّها «لا تزال ملتزمة بالبثّ الديني، وخصوصاً المسيحي باعتباره الدين الأوسع انتشاراً في المملكة». وقد بات معروفاً أنّ أسقف كانتربري روان وليامز التقى سابقاً المدير العامل لـ BBC مارك تومسون وشكا من «تراجع الاهتمام بالدين المسيحي في بثّ الإذاعة»، وخصوصاً أنّها خفضت فترة البث الديني أخيراً، وعيّنت أحد المنتمين إلى طائفة «السيخ» مسؤولاً عن إنتاج التراتيل الدينية. كما أنّ تصريح تومسون العام الفائت بأنّه «يجب التعاطي بدقّة مع الإسلام أكثر من المسيحية لكون المسلمين أقلّية»، أثار قلق الكنيسة الأنغليكانية في بريطانيا، فحذّر أساقفتها من «تهميش» المسيحيّة على موجات المحطّة.
وفي أجواء «الإسلاموفوبيا» التي كانت بريطانيا أكثر الدول الأوروبيّة بعداً عنها حتّى الأمس القريب، علت الأصوات التي تعارض قرار الإذاعة. وشنّت «تلغراف» حملةً ضد عقيل أحمد. وكان المسؤول عن الشؤون الدينية في الصحيفة جورج بيتشر قد كتب مقالات هاجم فيها شخص أحمد، واتهمه بـ«الفشل في التعاطي بشؤون الدين المسيحي»... كما اتهم «بي بي سي» بسعيها إلى «تدمير الكنيسة البريطانية».
لكن من هو هذا المسلم الخطير الذي أثار الفضيحة؟ هل يستحقّ منصبه حقاً؟ هل سيصبح ضحيّة نموذجيّة جديدة لتصاعد موجة العنصريّة في المجتمعات الغربية؟ عقيل أحمد (39 عاماً) ذو الأصول الباكستانية «كثيراً ما شعر بأنه غريب في المجتمع الذي نشأ فيه»، كما صرّح ذات يوم لصحيفة «تايمز» (2003). سيرته تكشف أنه أمضى 10 سنوات في العمل في قسم الأديان التابع لـ «بي. بي. سي»، بعدما كان باحثاً في المحطّة... ثم انتقل إلى إدارة قسم الأديان في القناة الرابعة. وكانت برامجه مثيرة للجدل، ونجحت في جذب المشاهدين البريطانيين. بينها «داخل رأس استشهادي»، و«إنقاذ أطفال أفريقيا السحرة» هذا الوثائقي الذي فاز بجائزة «بافتا» عام 2009.
لم يستثنِ عقيل أحمد المواضيع المتعلقة بأي دين من حلقاته. بل طرح قضايا حسّاسة أبرزها «اختبار الله» و«عاشوراء». وقد كان لديه الوقت ليختبر صعوبة موقعه، قبل الوصول إلى منصبه الجديد: «كوني مسلماً، لم يسهّل علي إعداد برامج دينية، لكنّه مكّنني من رؤية الأمور بطريقة مختلفة» حسب اعترافاته إلى صحيفة الـ «اندبندنت».