بيسان طي... الأسبوع الماضي كان موعدنا «السنوي» مع لينا أبيض. هذه المرّة قدّمت المخرجة اللبنانيّة «بيت برناردا ألبا» على خشبة «الجامعة اللبنانية الأميركية». تعمل أبيض في ما يمكن تسميته مختبراً جامعياً، ويقدم طلابها كل عام عملاً يحمل توقيعها. هذا العام، اختارت المسرحية الأخيرة التي كتبها الشاعر الإسباني فيديريكو غارسيا لوركا، وقتل قبل أن تعرض. يفتتح العرض على أجواء جنائزية، إنه موت زوج برناردا ألبا. تقف الأم، وخلفها بناتها الخمس يتقبّلن التعازي، لا يطول الوقت قبل أن نكتشف السجن الذي تعيش فيه الأخوات. على المسرح تتوزع أبواب بيضاء وشجرة يابسة، وخلف هذه الأبواب المغلقة تعيش الفتيات. إنها مغلقة بقرار من برناردا ألبا، الأم الطاغية، المحافظة: غرف بناتها أقفاص تخنقهنّ، وملابسهنّ السوداء كشرنقة تمنع تفتّح الجسد. القمع سيد العمل، قمع أسروي، أي إنه بمعنى ما قمع اجتماعي وجنسي... وبالتأكيد سياسي، نحن ندخل مجدداً عوالم لوركا، هذه المسرحية أشبه بكتاب ثالث، بيان ضد الطغيان الاجتماعي والسياسي، تأتي بعد «عرس الدم» و«يرما»، وقد عمل على ترجمتها الروائي رشيد الضعيف والمخرجة. الأم الطاغية، حبيسة ملابس تفقدها أي صلة بأنوثتها، كما هي حال طبعها. تبدو كأنها تعاني تشوّهاً جسدياً، لا شيء فيها يشي بأنوثة، بحضور نسوي. لذا اختارت أبيض أن توكل شاباً (زياد غاوي) لتأدية هذا الدور. وإذا كان الطغيان قادراً على تفتيت البنيان الاجتماعي، فإن تسلّط الأم يؤدّي إلى إشعال الكره بين الأخوات الأربع الكبار المختنقات في جسد يتعاملن معه كأنّه حمل ثقيل. أما الصغرى أديللا فتتفلت من هذا الخوف، وتعبر عن رغباتها، فتعشق ـــــ ككل شقيقاتها ـــــ خطيب الأخت الكبرى، وتشبع لذتها معه. تتعارك مع الأخريات وتقول: «لم أعد أستطيع تحمّل فظاعة هذه الجدران، بعدما ذقت رحيق ثغره...» وعندما تدّعي الأم قتله، لا يعود أمام أديللا سوى مخرج واحد: الموت.
طغيان الأم له أدوات لتمكينه، منها الخادمة التي تنقل إلى الأم أخبار البنات. الخادمة نفسها، تعلن رغبتها في الحب. ثم نتابع امرأة أخرى، عجوز أيضاً تروي كلاماً عن طفلة، عن حبّ ممكن. برز بعض الممثلين في هذا العمل، وخصوصاً سحر عساف في دور رئيسة الخدم. وقد قدّمت أبيض عملاً وفق رؤية إخراجية متميزة ومتكاملة، إلا أنّ الإضاءة والسينوغرافيا في هذا العرض لم تخدماه بصورة كاملة.


8:30 مساء غد حتى 24 الجاري ــ LAU (بيروت) ـــــ 01/786464