صباح أمس صدر القرار: الإعدام لهشام طلعت مصطفى ومحسن السكري بتهمة قتل الفنانة اللبنانية. طبعاً، تأهبّت الشاشات لتغطية الحدث، وبدّلت برامج الـ«توك شو» موعدها وأولت «العربيّة» اهتماماً فريداً بالحدث
محمد عبد الرحمن
كما غيّرت قضية سوزان تميم حياة هشام طلعت مصطفى وأوصلته أمس إلى حبل المشنقة، دفع الحكم بالإعدام برامج الـ «توك شو» المصرية إلى تبديل موعد انطلاقها من المساء إلى الصباح لمواكبة صدور قرار المحكمة (راجع ص 28). صحيح أنّ حكم الإعدام كان متوقعاً، وأنه لا جديد حتى الآن في القضية التي تعرّضت كل تفاصيلها للاستهلاك الإعلامي رغم قرار حظر النشر، الذي صدر مع الجلسة الثالثة للمحاكمة، التي بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي. لكن هذا لم يقلّل من الاهتمام البالغ بجلسة صدور الحكم.
هكذا أطلّ عمرو أديب على الهواء مباشرة من الثامنة صباحاً لمدة خمس ساعات. ولم ينتظر فريق برنامج «48 ساعة» على «المحور» موعده المسائي بل انطلق في بث مباشر من الصباح الباكر، فيما أكدت «العربية» اهتمامها الشديد بالحدث سياسياًَ واقتصادياً. أما منى الشاذلي، فظهرت داخل المحكمة وهي تعدّ بنفسها تقريراً يُفترض أن يبث لاحقاً في برنامجها الشهير «العاشرة مساءً». وكان البرنامج قد توقف يوم الثلاثاء الماضي ضمن الحداد غير الرسمي للقنوات المصرية على وفاة حفيد الرئيس حسني مبارك. ولعلّ هذا الحداد كان بحاجة قوية إلى قضية مثل قصة سوزان تميم، لإنهاء الشاشات حالة الحزن، والعودة مرة أخرى إلى الحياة الطبيعية لمتابعة القضية التي شغلت الرأي العام العربي منذ تموز (يوليو) الماضي.
صحيح أنّ كل البرامج التي خاضت المنافسة أمس لم تقدم جديداً، ولم تكن هناك أي مفاجآت بالمعنى الإعلامي للكلمة، لكنّ الجمهور كان يتابع بشغف التفاصيل من مختلف الزوايا، لأنّ القضية لم تكن ـــــ منذ يومها الأول ـــــ مجرد مصرع فنانة «نصف مشهورة» في إمارة دبي، ومتّهم هو رجل أعمال مصري. إذ إنّ الأبعاد السياسية والاقتصادية والقانونية متداخلة إلى حد كبير. بالتالي، كان هناك من ينتظر ليعرف إن كانت الأدلة بالفعل ضد المتهمين عكس ما ردّده المحامون طيلة فترة المحاكمة. كم من شخص أراد ـــــ في القاهرة ودبي تحديداً ـــــ التأكّد من أن نفوذ المتهمَين لن يحميهما من عدالة القضاء. هذا إضافة إلى تأثير قرار المحكمة على موقف البورصة المصرية التي يُعدّ سهم طلعت مصطفى أبرز الأسهم المتداولة فيها منذ سنوات.
برنامج «القاهرة اليوم» على قناة «اليوم ـــــ شبكة أوربت» الذي انفرد بحوار مع هشام طلعت مصطفى عشية القبض عليه في الأول من شهر رمضان الماضي، بدأ إرساله في الثامنة صباحاً. كانت كاميرا البرنامج في المحكمة، لكن النقل لم يكن على الهواء مباشرة. لهذا انحصرت المنافسة بين البرنامج وبرنامج «48 ساعة» على «المحور» وقناة «العربية» على سرعة نقل الحكم للجمهور بأي وسيلة. وقد تفوّق برنامج «المحور» بنقل الحكم عبر الهاتف الخلوي، فيما جاء الصوت مرتبكاً في قناة «اليوم»، أما «العربية»، فبذلت مراسلتها راندا أبو العزم مجهوداً كبيراً لتأمين النقل مباشرة من أمام المحكمة. ويطرح اهتمام «العربية» تساؤلاً ملحاً عن سرّ الأولوية التي تحظى بها هذه القضية تحديداً مقارنةً بقضايا ساخنة أخرى شهدتها مصر في الشهور الأخيرة. واصل عمرو أديب ومعه الصحافي أحمد موسى الاتصال بكل الأطراف تقريباً. وكالعادة أكد المحامون أن القضية ستصل إلى درجة الاستئناف، متوقّعين البراءة لا تخفيف الحكم. فيما أشاد محامي عادل معتوق ومحامي رياض العزاوي ـــــ كلاهما كان زوجاً لتميم ـــــ بالحكم وبالعدالة المصرية. من جهة ثانية، فشلت محاولات عدة، وخصوصاً من «القاهرة اليوم» للاتصال بأفراد أسرة سوزان تميم في بيروت، فيما اكتفى محامٍ، ممثلٌ للأسرة بالتأكيد على أنّ العائلة تثق بنزاهة القضاء المصري، وأن الحكم ـــــ مهما كان ـــــ لن يعيد إليهم الابنة المغدورة.
أما «العربية»، فبعدما نقلت الخبر نفسه، اهتمت بتداعيات الحكم على البورصة المصرية. ويبدو أن عائلة هشام طلعت مصطفى كانت مستعدة للأسوأ. إذ تماسكت الأسهم سريعاً بعد الانخفاض الكبير فور صدور الحكم، وأعلن مصدر في المجموعة العملاقة أنّه لا علاقة لشخص هشام طلعت بالموقف المالي للمجموعة لكونه لم يعد يتولّي أي منصب فيها منذ القبض عليه.
ومع حلول الظهر، كانت جولة المنافسة الإعلامية الصحافية قد انتهت استعداداً لجولات أخرى مع رصد متواصل حتى غد على أقل تقدير. لكن الحلقة الساخنة في قضية سوزان تميم أمس لن تكون الأخيرة، ليس فقط لأنّ رد المفتي على إحالة القضية عليه ستعلنه المحكمة يوم 25 حزيران (يونيو) المقبل، بل لأنّ الأكيد أن محامي طلعت والسكري سيطعنون بالقرار في محكمة الاستئناف. ما يعني أنّ أمام الرجلين ستة أشهر أخرى على الأقل. وحتى تبلغ القضية يومها الأخير، سيستمر التنافس بين الشاشات للبحث عن جديد في قضية أصبحت بالفعل من دون أسرار.


تحليل نفسي!

على قناة «المحور»، كان التعاطف كبيراً مع المتهم هشام طلعت مصطفى (الصورة)، فاستعرضت المحطة شهادات كثيرة من الجمهور عن التزامه الأخلاقي، وعدم تصديق الواقعة ككل، مع التأكيد على أنّ رجل الأعمال المصري لا يمكن أن يقف خلف هذه الجريمة البشعة. فيما بنى أستاذ علم النفس، هاشم بحري تحليله على أساس أنّ الأطراف الثلاثة، القاتل والمحرّض والضحية أحبوا أنفسهم. هكذا بحثت تميم عن الأمان، أما هشام طلعت مصطفى، فحرّكه حب الامتلاك، مقابل حبّ المال بالنسبة إلى محسن السكري، رافضاً مقولة «ومن الحب ما قتل»، معلناً أنّ من يقوم بأعمال مماثلة، لا يحبّ إلا نفسه