نوال العليحطام الأبواب والشبابيك المعلّقة في «زيكو هاوس» هذه الأيام هو ما تمكّنت التشكيلية هيلين كرم من الاحتفاظ به من بقايا منزلها القديم الذي تعرّض للهدم عام 2004. سنجد على باب مدهون بالأحمر «انتبه باب سيسقط». تلفتنا الأبواب والشبابيك القديمة معلّقةً في بيت قديم يشبهها رغم أنّها لا تنتمي إليه. حمل معرض هيلين كرم الجديد عنوان «ذاكرة أماكن»، وضمّ عشرة أعمال تشكيلية، إضافة إلى التركيبات المصوغة من حطام منزل كرم. غير أنّ اللوحات تؤدي دوراً مختلفاً في محاولة لاستعادة ذكريات قديمة وإعادة إنتاجها بألوان تقترب من شاعرية الحلم. هنا، نلمح امرأة صهباء بجسد رخامي أخضر سرعان ما نستنتج أنّها الفنانة نفسها الجالسة بين أعمالها. في مجمل اللوحات التي يستخدم فيها الإكريليك على الكانفاس، أو الزيت أحياناً، ثمة امرأة بلا ملامح تتأمل حركة المنزل مرةً من خلف نافذة أو على عتبة أو جالسة فوق حافة بركة منزلية صغيرة، كأنها تحدّق إلى فراغ زمني بطيء، إذ نلحظ انسجام هذه الشخصية مع مفردات البيت، ما يوحي شعوراً آمناً سرعان ما تبدّده كرم في مجموعة لوحات أخرى معلّقة من السقف وتجسّد شظايا ومشاهد مقتطعة من المنزل لتزعزع الثقة بالمكان، وتشعرك بأنّ صاحبه في مصير معلّق هو الآخر. وقد نجحت الفنانة في ربط الواقع بالمتخيّل عبر عرض صور slide show عن عملية هدم المنزل.
رغم ذلك، فألوان كرم ألوان طبيعة طازجة عذبة، كأنّ صاحبتها تعيش في حلم. مثلما تظهر امرأة واقفة خلف نافذة في إحدى اللوحات، لا ترسم الفنانة لها ملامح، لكنها لا تنسى انعكاس جسدها على الزجاج حيث تقف خلفها غابة وسماء بلون العشب. في الواقع، قدّمت كرم مجموعة أعمال في هذا المعرض، تمتد من عام 1999 حتى 2009. لذلك، نلاحظ وجود مجموعة مرسومة قبل هدم منزلها عام 2004، ومزاجاً مختلفاً يؤسس لوجود مكان مقيم لا تظهر فيه الذكريات ولا المخاوف ولا الفقدان، الصفات الواضحة في بقية الأعمال.
ليست هذه المرة الأولى التي تستعيد فيها هيلين كرم المكان. هي صاحبة العديد من المعارض الفردية منذ 1997 بينها «قانا من بغداد إلى بيروت» و«الاختفاء» و«من خلف نافذتي» و«الوحدة بالأحمر». كأنّنا أمام فنانة تنتمي إلى انطباعية من نوع خاص تظهر فيها شخصية أنثوية جداً للوحة.
حتى 30 أيار (مايو) الحالي ــ «زيكو هاوس» (سبيرز، الصنائع) ـــ 03/614355