موعد أوّل مع المؤلفة اللبنانية ــ البريطانية، ضمن مشروع Meet The Composer. المبادرة ثمرة لقاء بين جويل خوري وكنده حسن، وتهدف إلى التواصل مع مؤلفين لبنانيين معاصرين، تمهيداً لمهرجان خاص بالموسيقى الكلاسيكية المعاصرة
بشير صفير
انطلقت مساء الأربعاء الماضي حركة التفاعل مع المؤلفين اللبنانيين الكلاسيكيين، المعاصرين، في إطار «لقاء مع المؤلف». المشرفة على هذا المشروع وصاحبة الفكرة هي جويل خوري، صاحبة التجارب الجريئة في مجال الموسيقى الكلاسيكية الحديثة، إلى جانب شهرتها عازفة بيانو ومؤلفة أيضاً في عالم الجاز... بالاشتراك مع الفنانة كنده حسن، شركة «إيقاع للإنتاج».
الموعد الأول كان مع المؤلفة اللبنانية ــــ البريطانية الشابة بشرى الترك (26 سنة) التي أتت خصّيصاً إلى بيروت (مولودة وتعيش في لندن). أما المواعيد التالية فلم تُحدَّد بعد، لكنها ستشمل أسماء مخضرمة أو شابّة، مغمورة أو معروفة.
هكذا اجتمع في رواق «مسرح دوّار الشمس» حفنة من المهتمّين بالموسيقى الكلاسيكية الحديثة (معظمهم أساتذة أو تلامذة في المعهد الوطني العالي للموسيقى ــــ الكونسرفاتوار). وكان عدد الحضور قليلاً للأسف، فكوّنوا حلقة حميمة حول المؤلفة الحسناء. بدايةً، عرضَت غَلَس شرارة، باسم شركة «إيقاع للإنتاج»، توجهات الشركة وأهدافها التي تتمحور حول دعم التجارب الموسيقية غير التجارية في الوطن العربي. ثم تولّت جويل خوري تقديم الضيفة، وشرحت الغاية من مشروع «لقاء مع المؤلف» والخطوات المستقبلية.
يقوم المشروع على دعوة مؤلفين لبنانيين (أو من أصلٍ لبناني ويعيشون في الخارج)، ناشطين في مجال الموسيقى الكلاسيكية الحديثة، بغية تعريف الجمهور اللبناني بهم. وسيتخلل بعض اللقاءات إحياء حفلة حيّة، إذا سمحت الظروف، على أن يصل المشروع إلى هدفه الأخير، وهو تنظيم مهرجان شامل خاص بالموسيقى الكلاسيكية اللبنانية المعاصرة. قدمت بشرى الترك عرضاً مختصراً لسيرتها الذاتية ومسيرتها الفنية. ثم أسمعت الحاضرين مقتطفات من تسجيلات لبعض أعمالها، قبل أن تشرح بعض التفاصيل التقنية أو الظرفية المتعلقة بكل مقطوعة.
درست بشرى العزف على آلتي التشيلو والبيانو في صِغرها، ثم تخصصت في التأليف الموسيقي. وضعت حتى الآن مجموعة من المؤلفات بأشكال مختلفة، بين أعمال أوبرالية وغنائية وكورالية وأخرى للأوركسترا، إضافة إلى مقطوعات تنتمي إلى موسيقى الحجرة (رباعيات وتريات، ثنائيات للبيانو والكمان أو الفلوت،...). كما خصّصت فسحة من نشاطها لموسيقى عروض الرقص المعاصر.
من خلال النماذج المحدودة التي سمعناها من أعمال بشرى الترك، لا يمكن أن نستنتج خلاصة عامة عن أسلوبها في التأليف. لكن يمكن القول إنها تتجه نحو النَفَس الحديث بحذر، فتقف عند نقطة تجعل لغتها مفهومة وغير غارقة في التجريب للتجريب، وفي الوقت نفسه لا تسهب في التذكير بما مضى عليه الزمن. إنّها غير محافظة، وغير متطرفة لجهة الطليعية والفوضى. كما تتمتع بشخصية قوية وواثقة، وتعتمد عموماً في التأليف الموسيقي على الرمزية والدلالة، فتربط مؤلفاتها مباشرة، أو غير مباشر، بالواقع وبالظواهر الاجتماعية.
هذا أسلوب ناجح، قد يقرّب المستمع غير الخبير من عالم يجهله. كما أنها غير بعيدة عن خصوصيات البيئة الاجتماعية والموسيقى والثقافة العربية، ولها في هذا السياق كونشرتو للقانون والأوركسترا، وعمل بعنوان «وتعطلت لغة الكلام» للتشيلو والبيانو، وعمل غنائي بعنوان «تيك تاك» مقتبس عن قصيدة للأطفال بقلم المطران غريغوار حدّاد.
هذه، بأيّة حال، مقاربة أوّليّة لمؤلفة شابة عربيّة الأصل، غربيّة التكوين، قدّمت لنا مقتطفات من أربعة أعمال: غناء وأوركسترا، رباعي وتريات، فلوت وبيانو، بيانو وغناء أدائي. وهنا لا بدّ من تسجيل ملاحظة أساسيّة: يجب تأمين تجهيزات صوتية تفي الحدّ الأدنى من الشروط المطلوبة، لإعطاء فكرة واضحة وصحيحة ــــ أقله من هذه الناحية ــــ عن النماذج الموسيقية المقترحة على المستمع. من ناحية ثانية، يجب أيضاً إيجاد مكان أفضل من الباحة الداخلية لـ«مسرح دوّار الشمس»، أي فضاء يكون محدَّد الأبعاد والمناخ.