هيثم حقي، الليث حجو، نجيب نصير، هاني السعدي، فؤاد حميرة وخالد خليفة يجيبون عن سؤال: هل دخلت المسلسلات السورية أحد فصولها الدرامية؟
إيمان الجابر
إذا كانت الدراما السورية تشهد اليوم عصراً ذهبياً تحتلّ فيه منتجاتها الشاشات العربية مع شعار «فخر الصناعة السورية»، فإنّ التحدّي الأكبر يكمن في الحفاظ على جودة النصوص والرؤية الإخراجية وعمق الحس الفني لدى المنتجين كي لا تنتهي الدراما الشابة في هاوية سقطت فيها قبلاً الدراما المصرية ولمّا تصحو منها بعد. إلّا أنّ ناقوس الخطر في الدراما السورية يُقرع أحياناً منذراً صنّاعها بعدم الوقوع في فخ التكرار ورتابة النصوص. وهي ضريبة تُدفع بعد تحوّل الإنتاج من أعمال محدودة إلى صناعة تقدم عشرات الأعمال سنوياً. المشاكل الإنتاجية والتسويقية تمثّل فخاخاً متنقّلة على طريق صناعة المسلسلات السورية. وفي هذا الإطار، يرى المخرج السوري هيثم حقي أنّ طغيان الأعمال التجارية يولّد انطباعاً غير دقيق في غياب الأعمال الجيدة. هو لا يوافق على مقولة غياب المشاريع الفنية الجيدة، معتبراً أنّ من المهم استمرار الدراما التلفزيونية كصناعة. ما يحتّم زيادة الإنتاج التجاري على أن لا يقلل ذلك من حضور السيناريوهات الفنية العالية. ولعل مشكلة الدراما تتجاوز النصوص والإخراج لتكمن في سهولة تسويق الأعمال التي لا تقول شيئاً، وصعوبة بيع تلك التي تقدّم مضموناً جيداً.
مسألة زيادة المنتج الدرامي وتحويل الدراما السورية إلى صناعة أدخلها في نفق من المشاكل على مستوى النص والرؤية الإخراجية وتحكّم رأس المال. الأعمال الدرامية السورية الجيدة محدودة فيما تزداد الأعمال الأقل جودة. هنا يرى السيناريست نجيب نصير أنّ «الدراما تعاني فقدان المعايير والتوجهات. المنتجون لا يستطيعون التفريق بين السيناريو المناسب والناجح»، بل إنّ الأمر ـــ في رأيه ـــ تحكمه المصادفة. ويبقى تحدي العثور على نصّ جيد من أبرز مشاكل الدراما. من هنا، فإنّ فن كتابة السيناريو في سوريا ما زال يعاني الاستسهال، والدليل هو الأعمال المتشابهة والتناول السطحي للعديد من القضايا الحياتية المهمّة. وفي هذا السياق، ينفي الكاتب والروائي خالد خليفة وجود أزمة نص بل يصفها بأزمة «تلقي النص.
أغلب المنتجين والمخرجين ـــــ باستثناء ثلاثة أو أربعة ــــ ليس لديهم القدرة على التقاط حساسية النص الجيد. ما حرم الموهوبين فرصهم وأُخرجوا من الساحة أو تحوّلوا إلى مجموعة كتبة يأتمرون بأمر الممثل أو المنتج أو المحطة وينفّذون رؤاهم المتخلّفة».
إلا أنّ الكاتب هاني السعدي بدا متفائلاً: «ما ينقصنا هو التفوّق في كتابة النصوص»، معتبراً أنّ «انخفاض أجور بعض الكتّاب أدى إلى ظهور مواهب جديدة، أمثال مروان قاووق وفؤاد حميرة وفادي قوشقجي وغيرهم مقارنةً بالكتّاب ذوي الأجور المرتفعة».
وعن بعض الكتّاب الطارئين الذين أوجدتهم عقليات إنتاجية هدفها الربح وهي السبب الرئيس في أزمة سيناريو باتت تمثّل خطراً مستقبلياً على استمرارية الدراما النوعية لمصلحة التوجهات التجارية البحتة، يقول الكاتب فؤاد حميره الذي لمع نجمه في السنوات الأخيرة «إن كان هناك أزمة نص، فمردّها إلى رضوخ شركات الإنتاج لمتطلّبات السوق الخليجية وتحول أصحاب شركات الإنتاج إلى تجار من دون أن يفهموا حقيقة تجارتهم». يتفق المخرج الشاب الليث حجو في مسألة زيادة المنتج التجاري، ويرى أنّ إنتاج النصوص الرديئة أفضل بالنسبة إلى شركات الإنتاج، ليس لأنه أوفر بل لأنّ تسويقه أسهل. وينضم حجو في رأيه إلى ما قاله خليفة ونصير وحميرة، معتبراً أنّ شركات الإنتاج تعزّز وجود دخلاء على مهنة كتابة السيناريو من خلال تبنّيها نصوصهم وصرف الأموال عليها وإنتاجها.
هكذا تبقى الدراما السورية كغيرها محكومة برأس المال... ورأس المال له رأي ووجهة نظر ولغة كما قال مرةً الفنان بسام كوسا في أحد حواراته.