محمد خيرفي التاسعة من صباح اليوم، إذا أصدر القاضي قراراً بالإدانة، فسيواجه الناشط والمدوّن وناشر «دار ملامح» المصرية محمد الشرقاوي والتشكيلي مجدي الشافعي مؤلف رواية «مترو» عقوبة بالسجن قد تصل إلى عامين بسبب «صناعة وحيازة مواد تخالف الآداب العامة». وهي العقوبة نفسها التي يواجهها مروّجو أفلام البورنو! قبل عام، اقتحمت الشرطة مقر «ملامح» وصادرت مئات النسخ من «مترو» التي احتفى بها الإعلام بصفتها عملاً رائداً في مجال القصص المصوّرة في العالم العربي. ولم تكتف السلطات آنذاك باقتحام الدار وسحب النسخ من المكتبات، بل قدّمت الناشر والمؤلف إلى النيابة. وبعد التحقيق، أيّدت المحكمة قرار «ضبط» الرواية وسحب نسخها، لكنّ الأسوأ لم يكن قد جاء بعد.
في حزيران (يونيو) 2008، استخدم أحد المحامين ما يعرف باسم «دعوى الحسبة». وهي دعوى يقيمها المواطن من دون أن تكون له علاقة مباشرة بالقضية المعنية. وبعدما سبّبت قرار التفريق الشهير بين المفكّر نصر حامد أبو زيد وزوجته، تقرّر حصر الحسبة ـــــ بدلاً من إلغائها ـــــ في يد النائب العام فقط. هكذا، تقدّم محام ببلاغ حسبة للنائب العام ضد ناشر الرواية ومؤلّفها. ثم بدأت النيابة بالتحقيق مع شرقاوي والشافعي وقدمتهما إلى المحاكمة بتهمة «صناعة وحيازة، بقصد الإتجار والتوزيع، مطبوعات منافية للآداب العامة».
التضامن الحقوقي الواسع مع «دار ملامح» ومؤلف الرواية لم يعطّل إجراءات المحاكمة. بعد جلسة أولى الشهر الماضي، قد يصدر الحكم في جلسة اليوم. والمحاكمة برمّتها حلقة جديدة في سلسلة تحقيقات ومحاكمات تكررت في السنوات الأخيرة. وكان من أبرز «المتهمين» فيها نوال السعداوي وحلمي سالم وأحمد عبد المعطي حجازي. لكنّ المحاكمة هذه المرة امتدت إلى مسار إبداعي حديث في العالم العربي.
«مترو» التي عرفت رواجاً كبيراً قبل مصادرتها، لم تكتف بإنجازها الفني، بل تطرقت بجرأة كبيرة إلى عالم الفساد والفقر والقهر، العنف والتحرش الجنسي، ما دعا كثيرين إلى افتراض أنّ حماسة السلطات لمصادرة الرواية لم تكن من أجل «الآداب العامة» فحسب، بل لأن بطلها، المهندس شهاب، بدا صريحاً في إعلان سخطه السياسي والاجتماعي والجنسي، وتلخّص طموحه في الهروب من عالم يتحكم فيه الفساد بلا هوادة.