في لندن مدينة هجرته الأخيرة، انطفأ عازف الكمان عبّود عبد العال، أول من أمس، عن 74 عاماً. ووري في الثرى أمس، بعيداً عن الأرض التي تألق فيها قبل أربعة عقود. لقبه أسطورة الكمان أو ساحر الكمان. الذين عايشوا السبعينيات يذكرونه جيّداً، بمرافقته الحنونة التي تخطف الأسماع، لمطربات مثل سعاد محمّد أو صباح... عازف كبير من سلالة سامي الشوّا وأنور منسّى وأحمد الحفناوي عبد المنعم الحريري. بجمع بين أصله المصري (من أم سوريّة)، ونشأته الدمشقيّة، وتألّقه الفنّي في بيروت حيث أسس فرقته «الأوتار الذهبية»... قبل أن تجرفه الحرب الأهليّة إلى لندن، ليبدأ رحلة انحطاطه. عشرون عاماً وأكثر مزيكاتيّاً في أحد المطاعم اللبنانيّة في إدجوال رود. جاء السلام الأهلي، وكثرت الفضائيّات... لكن بيروت لم تتذكّر ساحرها مرّة واحدة.قد يفاجأ محبوه حين يكتشفون أن تكوينه الأكاديمي غربي وكلاسيكي. لكنّ إحساسه الكبير بالمقامات الشرقيّة، ساعده على تغيير طريقه «تحت وطأة الحاجة»، إذا صدّقنا ما أورده الناقد صميم الشريف في كتابه «الموسيقى في سوريا: أعلام وتاريخ». عبد الرحمن عبد العال حسب اسمه الأصلي، تخرّج عازف كمان من القسم الغربي لـ«المعهد الموسيقي» في دمشق. وهو من عائلة فنية أعطت عازفين على الناي والقانون والكمان، نذكر بينهم عازف القانون ابراهيم عبد العال، وابن عمّه محمود الجرشة (عائلته الأصليّة هي عبد العال الجرشة). وظّف عبّود جميع إمكانات الكمان وتقنياته لينحو به إلى الموسيقى الشرقية التطريبية، ويفرض نفسه كأحد عازفي الكمان القلائل الذين انفردوا بخروجهم عن الفرقة التي ترافق المغنّين. كما اتّسمت تجربته بخروجه عن المدرسة القديمة، إذ قدّم أغنيات رائجة على آلته، وهذا المنحى يتواصل اليوم مع عبده داغر أو جهاد عقل.
له أعمال مسجّلة هي عبارة عن أغانٍ معزوفة على الكمان، وبين أشهر أسطواناته «سلاسل الدهب» وأسطوانة أخرى خاصة بالرقص الشرقي. يُذكر أنّه قام بعزف مطلع أغنية paint it black للفرقة البريطانية «رولينغ ستونز» الشهيرة، إضافة إلى التسجيل الأوركسترالي لبعض أعمالها.
(«ثقافة وناس»)