غيّر صنّاع العمل اسم المسلسل لتمييزه عن الفيلم الشهير الذي أدّت دور بطولته ناديا الجندي. وقد احتفلوا السبت الماضي ببدء تصوير «كوم السمن» الذي سيجمع غادة عبد الرازق وصلاح السعدني
محمد عبد الرحمن
لم يجد صنّاع مسلسل «الباطنية» حلاً لإنهاء المقارنة بين العمل الجديد والفيلم السينمائي الشهير الذي يحمل الاسم نفسه سوى تغييره إلى «كوم السمن» ليصبح الاسم النهائي والرسمي للمسلسل الذي احتفل أبطاله السبت الماضي بانطلاق تصويره في استوديوات «طارق نور» في «مدينة السادس من أكتوبر» (من إنتاج شركة «عرب سكرين» بالشراكة مع قطاع الإنتاج في التلفزيون المصري). وكانت المقارنات قد انطلقت في الصفحات الفنّية، ورافقها وابلٌ من الأسئلة عن أداء غادة عبد الرازق لشخصية «وردة» التي قدمتها نادية الجندي قبل 29عاماً. لكنّ بطل المسلسل صلاح السعدني ومؤلفه مصطفى محرم سرعان ما أكّدا أنّ العمل السينمائي ـــــ الذي كتبه أيضاً محرم ـــــ اعتمد على جزء بسيط من رواية تحمل الاسم عينه للأديب الراحل إسماعيل ولي الدين. لكنّ المسلسل اعتمد على المزيد من التفاصيل وخضع لتغييرات عديدة أضافها محرم كي يتلاءم مع الفترة الزمنية التي تبدأ من منتصف الثمانينيات. يضاف إلى ذلك أنّ الفيلم اعتمد على شخصية وردة التي جسّدتها الجندي محوراً للأحداث، لكون الفيلم صُنع أساساً للممثّلة التي تحمل لقب «نجمة الجماهير» واشتهرت بتقديم هذه النوعية من الأفلام منذ السبعينيات على مدى 20 عاماً. لكن هذا الأمر لن يتكرّر مع غادة عبد الرازق بسبب وجود صلاح السعدني في شخصيّة العقاد تاجر المخدرات الذي لا يرى في ما يفعله حراماً، بل يرى أنّ تجارة المخدرات مهنة مثل أي مهنة. حتى إنّه يرتبط بصداقة مع الشيخ محمد متولي الشعراوي باعتباره رجلاً صالحاً يموّل مشروعات خيرية من دون أن يعرف أحد أنّها من أرباح المخدرات. لكنّ محرم اتفق مع المخرج محمد النقلي على عدم الاستعانة بممثّل لتجسيد شخصيّة الشعراوي تفادياً لأي انتقاد قد يطال ظهور الشيخ، لكونه ـــــ حسب الأحداث ـــــ لم يكن يعلم بالنشاط السرّي لصديقه العقاد. بالتالي، سيظهر الشعراوي في مشهد يتيم من الخلف. كذلك، أُلغيَت شخصيّة ضابط الشرطة التي أدّاها في الفيلم أحمد زكي.
وينطلق المسلسل من مطاردة وزير الداخلية الأسبق أحمد رشدي لوكر المخدرات الرئيسي في القاهرة أي «الباطنية»، ما يدفع التجّار وقائدهم (السعدني) إلى الرحيل إلى «كوم السمن» ومناطق مختلفة حول العاصمة لتفادي تدميرهم تماماً على يد رجال الوزير. ثم ترصد الحلقات المتغيّرات التي طالت المجتمع المصري في تلك الفترة، ويمتدّ تأثيرها حتى يومنا هذا. كذلك يرصد العمل كواليس تجارة المخدرات في مصر وتطوّرها. إلى جانب السعدني وعبد الرازق، يشارك في المسلسل لوسي وأحمد فلوكس وريم البارودي وأحمد سعيد عبد الغني وسعيد طرابيك، ويعوّل صلاح السعدني ومعه مصطفى محرم على العمل بهدف تعويض إخفاقات السنوات الأخيرة. لكنّ فرص محرم تبدو أكبر، لأنه يشارك في سباق رمضان المقبل بمسلسل آخر هو «قاتل بلا أجر»، بينما السعدني يعاني غيابَ الجماهيريّة عن مسلسلاته الأخيرة مثل «عدى النهار» و«نقطة نظام» و«حارة الزعفراني» و«السيف الوردي».
لكنّ حفلة افتتاح المسلسل تركت انطباعاً سيئاً عنه للإعلاميين، بسبب سوء التنظيم الذي أصبح سمةً أساسيةً للحفلات المماثلة في الآونة الأخيرة. إذ وصل صلاح السعدني إلى مكان الحفلة بعد أربع ساعات من الموعد. وما زاد الطين بلّة أن المكان بعيد عن وسط القاهرة، ما جعل الصحافيين يشعرون بالحصار الذي لم ينته بحضور السعدني، لكونه رفض تقطيع «التورتة» بسبب الزحام. بل دخل غرفته وفضل أن يرتدي ملابس الشخصية وتصوير بعد المشاهد أولاً، لتتدخّل غادة عبد الرازق لتهدئة الأجواء مع الإعلاميين الذين هدّدوا بالانسحاب، وانتقدوا موقف الجهات المنتجة التي لا تستطيع إجبار النجوم على الالتزام بتقاليد الاحتفال الذي انتهى قرب منتصف الليل. وهو الأول بالمناسبة الذي لا يظهر فيه زوج غادة المنتج وليد التابعي بعد تردد خبر انفصالهما النهائي في الأيام الأخيرة وبعد شهرين فقط من عرض فيلم «أزمة شرف» آخر تعاون بينهما. من جهة أخرى، كان السؤال المكرّر لمعظم الحاضرين عن الهدف من المسلسل في هذه المرحلة الزمنية، بعدما لم تعد قضايا المخدرات ذات أولويّة أساسيّة لدى المجتمع المصري، عكس ما كانت عليه الحال في الثمانينيات. وهو ما يجدّد الاتّهام الدائم للدراما المصرية بأنّها لا تحاول الاقتراب من القضايا الملحّة التي يهتم بها الشارع المصري حالياً.
وكانت مرحلة الثمانينيات قد شهدت طغيان مسلسلات وأفلام ومسرحيات تدور حول تجارة المخدرات، وكانت «الباطنية» محور مسرحيّة شهيرة لسمير غانم بعنوان «فارس بني خيبان». كذلك قدم أحمد زكي مع نجوى إبراهيم فيلم «المدمن» للمخرج يوسف فرنسيس.