«طفل الحجارة» الذي اختار طريق الفنّ، يقدّم باقة من مؤلفاته الخاصة، مع فرقة «دلعونة»، وأغنيات من التراث الفلسطيني

بشير صفير
الحفلة الثالثة من مهرجان «موسيقى 3» الذي تنظمه جمعية «عِرَب» سيقدّمها رمزي أبو رضوان وفرقة «دلعونة» مساء اليوم في «قصر الأونيسكو». الفنان الشاب الذي ولد في مخيَّم الأمعري للاجئين في رام الله، اعتاد في طفولته رشق المستوطنين بالحجارة في طريقه إلى المدرسة. بُعَيْد انطلاق الانتفاضة الأولى، ذات يومٍ من 1987، أطلق جنود الاحتلال النار على رمزي ورفيقه. سقط الأخير شهيداً، فراح الفتى ذو السنوات الثماني يرشق الترسانة العسكرية الإسرائيلية بالحجارة. وصودف مرور مصورٍ التقط له صورةً أصبحت «ملصق» انتفاضة أطفال الحجارة الرسمي. في تلك الفترة، كان رمزي يعمل بائع صحف، وكانت الصورة الشهيرة قد انتشرت ووصلت إلى سيدة كانت تشتري الجريدة يومياً من الثائر الصغير، فأمّنت له المشاركة في ورشة عمل موسيقية في رام الله. عرض الأستاذ على رمزي آلات موسيقية عدة كي يتعلم العزف على إحداها، فاختار الفَيولا (آلة وترية أصغر من التشيلو، أكبر من الكمان وأقرب إليه). بعدها، تابع أبو رضوان الدراسة في المعهد الوطني للموسيقى، ثم نال منحة للدراسة في مدينة آنجيه الفرنسية، وألمّ بالعزف على البزق والعود. أسّس في فرنسا فرقة «دلعونة» التي ضمت موسيقيّين عرباً وفرنسيّين، فقدّم معها حفلات في العالم وأصدر ألبومات عدة (آخرها «عيون الكلام») حَوَت مؤلفاته الخاصة وأغنيات من الفولكلور الفلسطيني والمشرقي، بالإضافة إلى بعض كلاسيكيات الأغنية الشعبية العربية (اللبنانية والمصرية). كما أصدر ألبومات خاصة بمقطوعات موسيقية معظمها من تأليفه (آخرها «لو أن»).
في 2002، أسّس في فرنسا جمعية «الكمنجاتي»، مستعيناً بموسيقيين تعرّف إليهم خلال إقامته هناك. بات للجمعية اليوم فروع في فلسطين، تؤمِّن تعليم الموسيقى مجّاناً لأطفال المخيمات الأكثر حرماناً. كذلك نظّمت «الكمنجاتي» نشاطات في المخيمات في لبنان. وخلال معارك الجيش اللبناني وفتح الإسلام في «مخيّم نهر البارد»، حاول أبو رضوان دخول لبنان مع مجموعة موسيقيّين فرنسيّين. فشل هو، لكنّ أصدقاء له دخلوا وأقاموا ورش عمل موسيقية لأطفال اللاجئين.
إلى جانب نشاطاتها التثقيفية والتعليمية الموسيقية، تنظم الجمعية منذ 2003 في مدينة آنجيه الحدث الموسيقي الذي يجمع فنانين من العالم ويحمل عنوان «موسيقيّون من أجْل فلسطين». يهدفُ الحدث إلى تعريف الجمهور الغربي بالموسيقى الفلسطينية، ولفت أنظار العالم إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
رغم تخلّيه عن الحجر لمصلحة الموسيقى، لا يزال أبو رضوان يعتبر نفسه مقاوماً، لكن بأدوات أخرى. هو يرفض الحوار والمهادنة مع الإسرائيلي، لكنه يرى أن للأطفال حقّ العيش والتعليم، بعيداً عن الدّم والعنف، وخصوصاً أولئك الذين يقبعون في حرمان المخيمات المهمّشة والمهملة في فلسطين ولبنان.
في حفلته البيروتية، سيقدّم رمزي باقة من مؤلفاته الخاصة وأغنيات من التراث الفلسطيني، برفقة «دلعونة» التي تضم التونسي زياد بنيوسف (عود)، والفرنسي إدوين بوجيه (أكورديون)، محمد كرزون وسامي يعسوب (إيقاعات) وعديّ خطيب (غناء).
ولحسن الحظ، لن تشارك الفنّانة الفرنسية التي أدت أغنيات استعادها رمزي أبو رضوان من التراث العربي، في الألبومَيْن: الأول (غير المُعنوَن) والثاني (نحن نحب الحياة) لفرقة «دلعونة». فأداء المدعوّة جيسّي لأعمال كـ«الحلوة دي»، «لما بدا يتثنى»، «بنت الشلبية»، «نسّم علينا الهوى» وغيرها، شوّهَ الإعداد الذي قام به أبو رضوان لهذه الكلاسيكيات. ويمكن تشبيه مساهمتها بآلة فلوت ترافرسيير ترافق فرقة دبكة بعلبكيّة بدلاً من المزمار... أو بعازف ربابة يؤدّي متتاليات التشيلو لِباخ!


9:00 مساء اليوم ــ «قصر الأونيسكو» (بيروت) ـــ 03/284715