لم تجد «إنديمول» أفضل من الأزمة المالية لتحوك حولها برنامجاً جديداً: مثل «ستار أكاديمي»، يرتكز Someone’s Gotta Go على المنافسة بين مجموعة... موظّفين!
صباح أيوب
نفهم أن يجتمع عدد من الشبّان والشابات الذين يسعون إلى النجومية في شقّة مراقبة بعدسات الكاميرا كي يعملوا على «تسويق» صورتهم للمشاهدين بغية التصويت لهم. نفهم أيضاً أن يتصارع هؤلاء للبقاء حتى النهاية والوصول إلى المبتغى المرجو. كما نفهم أن تُنفى مجموعة أفراد إلى جزيرة نائية حيث يتنافسون، تحت أعين المشاهدين، للبقاء على قيد الحياة والفوز بالجائزة الكبرى. فهمنا، مرغمين ربما، أنّ كاميرا الواقع باتت هي التي تحرّك عجلة الإنتاج التلفزيوني، وأنّ خرق الخصوصية والتماهي مع «أبطال» واقعيين بات مطلباً جماهرياً في جميع أنحاء العالم. لكن أن تُستغلّ غريزة البقاء لدى مجموعة موظفين كي يمارسوا أبشع أنواع المنافسة والاقتتال على الشاشة الصغيرة بهدف إنقاذ رأسهم من مقصلة الطرد وفقدان الوظيفة، فهذا أسوأ ما يمكن أن تبتكره امبراطوريات الإنتاج التلفزيوني اليوم.
لم تجد «إنديمول»، الشركة العملاقة لإنتاج برامج تلفزيون الواقع، أفضل من الأزمة المالية العالمية لتحوك حولها برنامجاً واقعياً جديداً تسوّقه في الولايات المتحدة والعالم. هكذا، اجتمعت امبراطورية الإنتاج العالمي تلك مع شاشة روبرت موردوخ «فوكس» الأميركية لتعملا معاً على إطلاق برنامج تلفزيوني جديد يقوم على استغلال تبعات الأزمة المالية بأحد أسوأ الأشكال المتلفزة. «على أحدهم الرحيل» Someone’s Gotta Go هو اسم البرنامج الذي ينتظر قريباً. على غرار «ستار أكاديمي» و Survivor و The Office و Loft Story (كلها من إنتاج «إنديمول»)، يرتكز البرنامج على المنافسة الحيّة المصوّرة بين مجموعة أفراد! لكن هذه المرّة، ستدخل الكاميرا إلى عدد من الشركات الصغيرة التي اتخذت قراراً بخفض عدد موظفيها لمواجهة الأزمة المالية. وفي البرنامج، سيوضع الموظفون التابعون للمؤسسة نفسها في حلقة مواجهة بين بعضهم بعضاً كي يختاروا في النهاية «الزميل» الذي يجب أن يُطرد! زملاء العمل سيتحولون إذاً إلى ديوك يتصارعون بشراسة كي يضمنوا بقاءهم في عملهم ويفعلوا ما بوسعهم ليسلّطوا الفأس على رقبة آخر. كل ذلك سيدور تحت أنظار المشاهدين الذين يعاني معظمهم المشاكل نفسها. وكشفت تقارير صحافية أنّه سيتاح للموظفين أن يطّلعوا على الملفات الشخصية لبعضهم بعضاً (وهو أمر غير مسبوق في قوانين العمل الأميركية) وسيتلقون الإرشادات من أحد الاختصاصيين في إدارة شؤون الموظفين الذي «سيدرّبهم» على فنون استهداف الزملاء وإيجاد الطرق الناجعة... لتطييرهم من وظيفتهم.
«لماذا بقي هذا الغبي في وظيفته بينما طرد الآخر؟ هكذا يكون عادة تعليق الموظفين على مسألة طرد أحد العاملين في مؤسّستهم» يقول مايك دارنل مسؤول البرامج الواقعية في إدارة تلفزيون «فوكس» لمجلة «فارايتي». ويشرح «سيتاح أخيراً للموظف أن يقرر بنفسه بدلاً من المدير، مسألة طرد أحد الموظّفين». وبينما «طمأنت» بعض الصحف الفرنسية جمهورها بأنّ البرنامج لن يُستورد إلى شاشاتها، بات مؤكّداً أنّ البرنامج سيبدأ في أميركا مع بداية الخريف المقبل حدّاً أقصى.
إذاً، هذا ما سيشاهده الأميركيون على شاشاتهم قريباً: هل هي إحدى الوسائل الناجعة لمواجهة الأزمة المالية؟ أم هو مجرد تثبيت لشريعة الغاب في مجتمع ينهش نفسه أصلاً؟