أيام صعبة» و«دكتور سيلكون» و«علقة موت» ثلاثة أفلام تعرض حالياً في الصالات المصريّة تنسف كلّ بديهيّات فن السينما
القاهرة ــ علا الشافعي
«أيام صعبة»، «دكتور سيلكون»، «علقة موت» أعمال تعرض حالياً في الصالات المصرية، أقل ما يمكن أن يقال فيها إنّها تمثّل إساءةً واضحة إلى فنّ السينما. «أيام صعبة» الذي أخرجه فادي فاروق، يؤدي بطولته هشام عبد الحميد ـــــ بعد غياب سبع سنوات عن الشاشة ـــــ إلى جانب سلوى خطاب ومجموعة من النجوم الشباب كراندا البحيري ومحمد نجاتي وباسم سمرة. عانى الشريط من أحداث غير منطقية وعيوب فنيّة وأخطاء في المونتاج، وإطالة غير مبررة أصابت المشاهد بالملل، إذ تدور أحداثه حول بحث هشام عبد الحميد عن قاتل ابنه داخل أحد الأحياء العشوائية الملأى بالمجرمين.
الأهم أنّ بطل الفيلم هو منتجه والمتحكّم في تفاصيل العمل. وهذا ما بدا جلياً في السيناريو والمونتاج اللذين فُصّلا كي يكون البطل موجوداًَ على الشاشة لأطول فترة ممكنة. هو «صاحب المحل» كما يقولون بالعامية المصرية، وهذا ما أدى إلى خروج الفنان محمد نجاتي عن صمته، مصرّحاً بأن معظم مشاهده حُذفت لمصلحة هشام عبد الحميد.
وإذا كان الفيلم يفتقر إلى الرؤية الفنية والإيقاع المونتاجي الذي يخدم تطور الأحداث، فإنّه ما زال أفضل بأشواط من «علقة موت» الذي خرج علينا فجأة من دون مقدمات، ولم يعرف أحد متى بدأ تصويره. لكنّ منتجه بطل الملاكمة المعتزل ممدوح فرج، أطلّ علينا من خلال أفيشات تملأ الشوارع والميادين الرئيسة في القاهرة. يضم الشريط الذي أخرجه ماجد نبيه مجموعة مصارعين أجانب إلى جانب بطل كمال الأجسام الشحات مبروك، وهو الوحيد المعروف بين مجموعة الأجسام المنتفخة التي تملأ ملصق الفيلم.
مجموعة الصور المتراصة التي يطلق عليها مجازاً «الفيلم»، دفعت المطرب الشعبي طارق عبد الحليم إلى التبرّؤ من الشريط بعد عرضه، مُعلناً خوفه على مستواه السينمائي. وأكّد عبد الحليم أنه لم يكن يعرف أن المنتج سيتاجر باسمه، وأنّه ذهب في البداية إلى المنتج ليغني أغنية التتر، فطلب منه تصوير أربعة مشاهد مجاملة منه لفريق العمل، ثم فوجئ بأنّه يتصدّر أفيش الفيلم.
في «علقة موت»، لا تسألنَّ عن السينما، لأنه فيلم خاصم كل بديهيات وأبجديات فنّ السينما. هكذا، سنجد شخصيات تخرج وتدخل وتظهر وتختبئ إلى جانب مشاهد «خناقات» وضرب فقط. بل إن المنتج أنهى دور بعض الشخصيات في الفيلم لأنّه اختلف معهم مادياً ولم يعطهم باقي مستحقاتهم. لذا أدخل تعديلات على القصة خلال تصوير الفيلم كي تنتهي حياة تلك الشخصيات داخله. ولهذا، رأينا شخصيات تختفي فجأة.
ومن العضلات المنفوخة إلى الشفاه المنفوخة أيضاً مع «دكتور سيلكون». الفيلم الذي أخرجه أحمد البدري، أصرّ منتجه عبد الله الكاتب على القيام ببطولته. هكذا، ضمّ كل البهارات في السينما المصرية التجارية السيّئة التي أراد بها المنتج والبطل في آن، جذب الجمهور، وخصوصاً المراهقين، بدءاً من «الإفيهات» الجنسية وحرص بطلاته على ارتداء ملابس تكشف أكثر ما تستر من دون وجود ضرورة درامية لذلك. هكذا، سنرى مثلاً نرمين الفقي مرتدية سروالاً قصيراً في مقرّ عملها في إحدى المؤسّسات الصحافية!
هذه الأفلام لم تحقق أي إيرادات في شباك التذاكر، وقد انصرف عنها الجمهور لرداءتها. والسؤال الذي يفرض نفسه: من أين أتى المنتجون بالأموال التي صُرفت على الأفلام؟ ولماذا وافقت شركات التوزيع الكبرى مثل «الشركة العربية» على توزيع هذه المنتجات التي يصعب تصنيفها فنياً من الأساس؟ هل هو احتياجهم لأعمال يملأون بها دور العرض حتى يأتي موسم الصيف الذي يعدّ الأهم في السينما المصرية؟ علماً بأنّ هناك العديد من الإنتاجات السينمائية العالمية المهمة التي تعرض في مصر منذ فترة حتى الآن، بينها أعمال حاصلة على بعض جوائز الأوسكار كـSlumdog Millionaire و «الحالة الغريبة لبنجامين باتن».