القاهرة | يستضيف «مترو المدينة» حفلة لفرقة «تبادل أوركسترا» وساندي شمعون يومي 17و18 كانون الثاني (يناير). في صيف عام 2010، قررت مجموعة من الفنانين من كولونيا، ومصر، وتركيا أن يؤسسوا مشروعاً موسيقياً ذا جلد مختلف، حيث الموسيقى جسر للتواصل بين روح الشرق وحداثة الغرب.
لكن السؤال كان: كيف يُمكن تشكيل هذه الخلطة الموسيقية السرية؟ ربما كانت الإجابة محفوظة عند محمد عبد الوهاب.
بدأت المغامرة بتسجيل أول أسطوانة بروح موسيقى وأغنيات عبد الوهاب. وظلّ الشرط الأساس أن تُهدى الأسطوانة لموسيقار الأجيال بعد طرحها في الأسواق.
أسباب كثيرة دفعت الفرقة إلى استعادة عبد الوهاب في ألبومها الأول World Wide Wahab عام 2011. هو يعدّ أهم ملحن في العالم العربي، وقد ساهم في صناعة الموسيقى التصويرية وأغاني الأفلام. كما أقدم على المزج بين الآلات الوترية الشرقية والآلات الغربية الحديثة.
بفضل عبد الوهاب، انتشرت الموسيقى اللاتينية في العالم العربي، وكذلك موسيقى الرومبا والتشاتشا في الأركسترا المصرية. ترك عبد الوهاب أكثر من ألف لحن أثرت الساحة الموسيقية العربية. ربما ما جعله مميزاً هو قدرته على مزج الشرقي بالغربي، وما هو كلاسيكي بما هو حداثي.
في هذا الألبوم، لعبت المغنية دينا جودة التي نشأت في القاهرة دوراً بارزاً، بحيث جعلت من أغنية «أمل حياتي» حالة من الشجن والرهف، أكثر رقة ودلالاً مع موسيقى عصرية تعصر كل قطرة في فلسفة عبد الوهاب الموسيقية.
مع آلة القانون، اصطف الجميع خلف دينا جودة في مهابة وشوق، بدأت بـ» ياللي حبك خلى كل الدنيا حب» وانتهت بجملة أم كلثوم الساحرة «وأنت معايا يصعب عليّا رمشة عينيا لو حتى ثانية».
أما أغنية «القمح»، فقد تحولت في هذا الألبوم إلى حالة من البهجة والأمل. تتدافع الموسيقى في تحدٍ واضح كأن لسان حالها يقول: هذه الموسيقى من أجل موسم الزرع والمطر، فليعم الخير على الجميع. تحولت الأغنية من البساطة والهدوء إلى حالة من البهجة الطائشة إن صح التعبير، وخصوصاً في جملة «القمح الليلة ليلة عيده، يارب تبارك، تبارك، وتزيده».
أما الآلات الوترية والنقر، فقد ظلت محافظة على تماسكها وعفويتها. كذلك، تحوّلت أغنية «أنا والعذاب وهواك» إلى كتلة من الشجن والتأثر، فالموسيقى خدمت بقوة موقف الفراق واللامبالاة فيها، ويكفيك أن تسمع جملة «أخرتها إيه وياك يالي إنت ناسينا».
ظلت تلك الأغنية إحدى العلامات الفارقة في الألبوم، ولم تضاهها جمالاً سوى أغنية «إسهار» التي شدت بها السيدة فيروز من قبل. ضمَّ الألبوم أغنيات أخرى مثل «البنت الشلبية»، «عش البلبل»، «فاكراه»، «يا ورد مين يشتريك»، «في يوم وليلة»، «على بالي»، وكذلك رائعة «يا مسافر وحدك» التي أدتها الفرقة في حفلة في مدينة كولن الألمانية عام 2013 بأداء وصف وقتها بالعبقري والطموح الجارف. ربما لم يتوقع أحدٌ أن يرى أغنيات عبد الوهاب بهذا النمط الموسيقى الحداثي الذي يتلاعب بالجاز والرومبا والموسيقى الشعبية العربية.
حتى على مستوى غلاف الألبوم الذي مزج ألواناً عدة لفتاةٍ تبدو شرقية، ولا يظهر منها سوى بعض ملامحها ويدها وهي جالسة على أريكة تنتمي إلى عصور خلت. قدّمت «تبادل أوركسترا» حفلاتها الخاصة منذ عام 2013، متعاونةً مع العازف اللبناني الموهوب ربيع لحّود، وقد أحدثت ثورة موسيقية نشرتها في أنحاء أوروبا.
أما ساندي شمعون (1987) فهي صوتٌ نسائيٌ رخيم ذو قدرة على أداء أغنيات تنتمي إلى زمن الفن الجميل.
اشتهرت بأدائها لأغنيات الشيخ إمام عيسى مثل «بوتيكات»، و«عاللي بحبو»، و«أنا أتوب»، و«نويت أصلي»، و«أستاذ ميكي»، و«أحزان القرد».
هذا الصوت الذي يمتلك تلك القدرات الغنائية الهائلة، ظهرت جمالياته عندما بدأ يتفاعل مع «ساوندكلود» الذي يوفر له مكتبة موسيقية يُمكن للجمهور أن يرجع إليها في أي وقت.
أصوات تمزج بين المسرات والشجن يستضيفها «مترو المدينة» من فترة إلى أخرى تؤسس لقوالب غنائية جديدة تحتاجها الساحة بعيداً من التنميط والجو السائد.



«تبادل أوركسترا» وساندي شمعون: 22:00 مساء 17 و18 الحالي ـ «مترو المدينة» (الحمرا ـ بيروت). للاستعلام: 76/309363