strong>بشير صفيرمَن يعرف فرقة The Sisters of Mercy ــــ يعرفها جيداً ويعشقها ــــ لا يصدِّق أنها آتية إلى بيروت. من يعرفها، يعرف بالتأكيد مجموعة الفرق التي تمثّل فرعاً «خاصاً جداً» داخل الروك البديل. وعموماً، إنّ من تعرَّف إلى هذا التيار الموسيقي، لا يمكنه إلا أن ينسج معه علاقة من اثنين لا ثالث لهما: علاقة جنونية أو... لا شيء. تنتمي هذه الفرقة إلى حالة بريطانية تمايزت عن موجة الروك البديل التي انطلقت أواخر السبعينيات، على الرغم من أنها تزامنت معها. يضمّ هذا التيار فرقاً، يعرفها المرء كلّها ما إن يتعرّف إلى إحداها. علماً بأنّ لكل منها ميزة خاصة داخل خطوط عريضة مشتركة. أبرزها ــــ إضافة إلى The Sisters of Mercy ــــ The Wolfgang Press وFields of the Nephilim و Bauhaus وCocteau Twins وغيرها طبعاً.
في خضم انحدار الموسيقى الشبابية الغربية، وانتشار الموجة التجارية وأغنيات «الحياة الجميلة»، ذات النصوص العاطفية التافهة، ثمّة مَن لم يوافق هذا التيار الرأي. إنهم الفنانون الذين نظروا إلى المجتمع بواقعية، وعكسوا استنتاجاتهم الحسيّة والوجودية في أغانيهم. هذه الموجة من الفرق الموسيقية تميَّزت مواضيع أغانيها بالغموض والسخرية والعمق، وكانت تدلّ على ثقافة أصحابها الواسعة واطلاعهم على الفلسفات القديمة والأساطير والميثولوجيا. أما الموسيقى ـــــ صاخبة كانت أو هادئة ـــــ فتبرز بذكاء رغم بساطتها إجمالاً، وتملك تأثيراً تخديرياً مقلوباً. بمعنى أنّها تنتج حالة من الوعي الزائد. تعتبر الفرقة التي تستضيفها بيروت من الرواد في هذا المجال. ويُنسَب عادةً ابتكار ما يُسمى الـ«غوثِك روك» (وهي تسمية عامة وغير دقيقة)، إلى مغني الفرقة ومؤسسها، صاحب الصوت الجهوري أندرو إلدريتش (1959).
لم تنتج The Sisters of Mercy على مدى ثلاثة عقود سوى ثلاثة ألبومات، إضافة إلى العديد من الأغنيات التي صدرت مستقلة. قد يعود ذلك إلى تبدُّل تركيبتها، إذ تركها وانضم إليها العديد من الموسيقيين، حتى رَسَت منذ فترة على شكلها الحالي الذي ما زال يضم إلدريتش.
في لبنان، يعود انتشار هذه الفرقة وغيرها من الفئة نفسها إلى الإعلامي جهاد المرّ، الذي عرَّف الجمهور الشبابي إليها من خلال برامجه الإذاعية. المرّ ــــ بدعوته The Sisters of Mercy إلى بيروت ــــ إنما يحقق حلمه وحلم كثيرين ينفضون اليوم الغبار عن أسطوانات حفظوها عن ظهر قلب. كثيرون سيعودون بالذاكرة إلى كآبة سنين المراهقة. تلك الكآبة الخاصة التي كانت تميِّز نظرتهم السوداوية غير المبتذلة إلى الوجود والواقع. والسؤال: من بعد الـ«سيسترز»؟


9:00 مساء السبت 2 أيار (مايو) المقبل ــــ «فوروم دو بيروت» ــــ للاستعلام: 01/584584