سفيان الشورابيانطلقت قبل أيام الدورة الـ27 من «معرض تونس الدولي للكتاب»، الذي يحتضن أكثر من 100 ألف، عنوان بمشاركة ناشرين من 35 بلداً. التظاهرة التي تستمرّ حتى 3 أيار (مايو) المقبل، حلّت فلسطين ضيفة شرف عليها وأُفرد لها جناح كامل، إضافةً إلى إقامة معارض صور وفنون تشكيلية عن فلسطين، وتنظيم لقاء «القدس عبر الأدب والتاريخ».
وقد أعلن مدير المعرض بو بكر بن فرج أنّ الإدارة التزمت بعدم عرض كتب الشعوذة والتدجيل التي تختبئ خلف واجهة الدين. وعبّر مثقفون عن قلقهم من الرقابة التي تختبئ خلف هذا الإعلان: أيّة معايير سيعتمدها المعرض في منح براءة الذمّة للكتب المشاركة، أو سحبها منها؟ ذلك أن أخطر أشكال الرقابة هي عادة التي تتذرّع بالنيّات الطيّبة! ما زال من المبكّّر القول إذا كانت هذه الدورة قد اتسعت، كما صرّح بن فرج، «لكل المضامين والكتابات من دون استثناء، إلا ما يتناقض مع اختياراتنا الحضارية الجوهرية أو ما يدعو إلى جمود يتناقض مع انفتاح تونس وحداثتها».... ولا تحديد نسبة الحريّة المتاحة أمام مختلف المعارضين للسلطة السياسيّة!
تستحضر الدورة الحاليّة ذكرى عدد من المبدعين الراحلين، بينهم ثلاثة من كبار الناشرين، عبود عبود مؤسس «دار الجيل» ومحمد مدبولي مؤسس «مكتبة مدبولي» (مصر) والأديب سهيل إدريس مؤسس «الآداب» (لبنان). كذلك تحتفل تونس بالذكرى المئوية لثلاثة من أبرز أعلامها: الشاعر أبو القاسم الشابي والقاص علي الدوعاجي والمفكر محمد الفاضل بن عاشور. ولم ينس المعرض الأديب السوداني الراحل الطيب صالح الذي ستخصَّص أمسية تكريمية له. وتنظّم على هامش المعرض لقاءات لعدد من الروائيين مثل السوري حيدر حيدر، والسعودية زينب حفني، والأفغاني عتيق رحيم («غونكور» ـــــ 2008)، والمصري مكاوي سعيد والجزائري رشيد بو جدرة. ويلتقي أيضاً عدد من المسرحيين والكتاب، مثل توفيق الجبالي وجليلة بكار ونور الدين الورغي في ندوة «الفن المسرحي بين النص والركح»، لمناقشة إشكاليّة العلاقة بين العرض والنص التي أفرزتها الممارسة المسرحية في العالم وفي تونس في العصر الحديث. كذلك سيجتمع عدد من الروائيين والنقاد في ندوة «الرواية العربية في مطلع القرن الواحد والعشرين». معرض الكتاب في تونس فسحة إيجابيّة في بلد تعاني فيه الحياة الفكريّة ـــــ السياسيّة من نقص في الأوكسيجين. والجميع يراهن على الدورة الحاليّة ويريدها متميزة، ويأسف لغياب البعد الدولي لتظاهرة تحصر معظم فعالياتها في الشأن التونسي أو العربي... فيما هناك حاجة ماسّة إلى الانفتاح على مختلف التجارب الفكرية الراهنة في العالم. فوحدها تشرّع آفاق التغيير!