المغنّي سابقاً يعود إلى الخشبة في عمل ثان لمارك قديح. Triptease كوميديا لبنانية «جديّة» (!) لا تخلو من الكليشيهات واللطشات السياسية. أما الحلّ فهو... «التقسيم»
صباح أيوب
شاب لبناني مهاجر إلى البرازيل توقّف في مطار «لوس أنجليس» الأميركي، فإذا بهذه المحطّة تتحوّل موعداً مع التعذيب والتحقيق، بتهمة التورّط في الإرهاب. هذا محور الكوميديا الجديدة «تريبتيز» Triptease (نصّ وإخراج مارك قديح، تمثيل يوري مرقدي)، وقد ابتكر لها صانعوها توصيفاً غريباً هو «كوميديّة جدّية»! موضوع المسرحيّة الساخرة ليس جديداً، و«الصفّ» الطويل المخصّص للبنانيّين في المطارات طالما كان محطّ تعليقات في المسرحيات اللبنانية. لكنّ شكل العرض الجديد، وطريقة إيصال رسائله يندرجان ضمن «موضة» المسرح الساخر التي شكّل مارك قديح أحد روافدها منذ عام 2003.
إنّه مسرح يمزج بين المونولوغ الكلاسيكي ضمن تسلسل درامي واضح، وبين الـ stand up comedy بما يتخلّل العرض من استطرادات وتعليقات مباشرة على الواقع الآني الذي يعيشه الجمهور خارج جدران المسرح. أحداث ساخرة مستوحاة من واقع لبناني «مقسوم» بين 14 و8 آذار يحاول خلاله الممثل (مرقدي) ألا يتخذ منه موقفاً حاسماً. لكن نصّ قديح في العمق يميل بوضوح إلى خندق سياسي: لا بأس من تسجيل بعض الملاحظات على فريق 14 آذار، لكنّه في العمق يؤيد مبادئه و«يكره» كل ما يتعلّق بالفريق الآخر. النص يتكلّم بلسان تلك الفئة التي تعترف في النهاية بأنّ لبنان كرة تلعب بها القوى الخارجية، وفي الوقت نفسه ترفع شعار «حبّ الحياة» في بلد «مقسّم» فدرالياً. «حبّ الحياة» في أغنية بصوت مرقدي، رسالة أولية للمشاهدين الذين ينتظرون بدء العرض. ثم نشاهد حقيبة سفر ورسماً لجورج بوش معلّقاً على الحائط، ليدخل يوري بزيّ شبابي شارحاً سبب وجوده في هذا المكان. يتبيّن لاحقاً أنّنا داخل إحدى غرف التحقيق في مطار «لوس أنجليس»، حيث اقتيد بطلنا الذي صرّح بأن سبب سفره «جهاد» (قاصداً بذلك اسم ابن عمّته)، ما أثار رعب الأجهزة الأمنية في المطار الأميركي.
مشاكل لغوية، وثقافية، واجتماعية، من تشابكها تتوالد المواقف الكوميدية. لجأ قديح إلى بعض الكليشيهات والنكات التي يتداولها اللبنانيون حالياً في الرسائل الإلكترونية، كالترجمة الحرفيّة لبعض الأسماء اللبنانية إلى الإنكليزية مثل «زنود الستّ» التي صارت Woman's arms، واللعب على الكلام وتحريفه، والتعليق على عمليات التجميل وغيرها... مع «استعارة» لبعض تعابير زياد الرحباني، وبعض الشتائم باللهجة اللبنانية الدارجة. وهنا حان وقت انتقال التلطيش إلى السياسة المحلية اللبنانية، عبر المدخل السوري (اللهجة السورية تحديداً)، وسياسيي الموالاة والمعارضة. لكن جولة السخرية على الطرفين لم تكن «عادلة» و«حيادية»، رغم إصرار الممثّل على تذكيرنا مراراً: «أنا مَنّي 8 ولا 14». عندما يعرض الأسباب التي تمنعه من الانضمام إلى أحد التيارين، يعدّد مرقدي «10 أسباب لعدم تأييده 14 آذار» و «162 سبباً لعدم تأييده 8 آذار»! وإذا كان لا بدّ من حلّ جذري ونهائي لإنهاء الأزمة اللبنانيّة، فإن مارك قديح لا يجد إلا... «التقسيم»!


التاسعة ليلاً، كل خميس وجمعة وسبت ـــ فندق «مونرو» (عين المريسة، بيروت) ـــ للحجز: 01/999666