زياد عبد اللهمسرحيّة الكاتب بيتر مورغان «فورست/ نيكسون» قفزت إلى الشاشة، وخطفَ رون هاورد (صاحب «شيفرة دافنشي») إخراج الفيلم من مارتن سكورسيزي، وسام منديس وجورج كلوني. الشريط بات أمامنا: فرانك لانغيلا يقدّم شخصية الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون بأداء يستوقفنا طويلاً، والساحة مفتوحة للمقابلة التلفزيونية الشهيرة مع الرئيس الذي توارى عن الأنظار بعد فضيحة «ووترغيت»، ليعود ويقبل عام 1977 أن يظهر مع مقدم البرامج الشهير ديفيد فروست. هنا، تتحول «المناظرة» إلى حلبة ملاكمة. ما تقدم يمثّل المحور الرئيس لفيلم «فروست/ نيكسون» الذي يقارب نيكسون من جهة مغايرة لتلك التي قدّمها أوليفر ستون في «نيكسون» (1995). مع هاورد، هناك فروست (مايكل شين) الذي سيقارب نيكسون المتقاعد والغارق في العزلة والفراغ والحزن. وعليه، تصبح نية فروست أداة الفيلم في تسليط الضوء على جوانب خفية في شخصية نيكسون، والتأسيس لعلاقة غريبة بين الرئيس والمحاوِر، إذ تترافق مع اعتراف نيكسون بفداحة ما اقترفه خلال ولايته، وتُصبح نوعاً من محاكمة علنيّة، كونه لم يتعرض لأي مساءلة قانونية بخصوص «ووتر غيت». تلك الفضيحة التي ثبّتت تهمة الغش الانتخابي على نيكسون عبر عمليات تجسّس على مكاتب الحزب الديموقراطي المنافس في مبنى «ووترغيت». يقدم الفيلم هذه المناظرة التلفزيونية بوصفها منجزاً تاريخيّاً، مستعيناً بتقنية وثائقية، لكن في تنويع على السرد. هكذا، سيسكن المُشاهد هاجس واحد، وهو إن كان فروست سيحقّق غاياته من اللقاء. هنا، تبدو التباينات بين حياة الرئيس والمحاوِر نقطةً مضيئة: طباع نيكسون من جهة، وفروست من جهة أخرى، والعلاقة العجيبة بينهما، والآليات السياسية والإعلامية التي تحكم حياة كلّ واحد منهما. مثلاً، لا تأتي موافقة نيكسون على اللقاء إلا بعد أن يتّصل مستشاره بفروست فجراً فقط للتأكّد من حرصه على اللقاء. ولكم أن تقيسوا على هذا حركية الأحداث، الملأى بمكر سياسي، قد نجده أيضاً في علاقة فروست بمساعديه أو حبّ نيكسون للمال. الحوار مليء بشحنات درامية قوية. بالتأكيد، فإن أداء لانغيلا سيكون عامل حسم في شريط يصل الرئيس فيه إلى الاعتراف بأخطائه ومسؤوليته عن قتل الآلاف في فيتنام وكامبوديا، ويحيلنا إلى إسقاطات تاريخية تستدعي شبح جورج بوش. ولعل في هذا الإسقاط ما يجد مشروعيته في المكارثية التي قدّمها جورج كلوني في Good Night & Good Luck بوصفهاـ حسب تعبيره ـ «معادلاً لقانون مكافحة الإرهاب».


«غراند سينما ABC» (209109/01)، «كونكورد» (01/343143)، «سينما سيتي» (01/899993)، «غالاكسي» (01/544051)