أحمد المدينيكنتَ تعبر من مجاز إلى المجاز، لا تعرف، أمعبرٌ هو أم مهرب، أم نزوةٌ محرّمة، كما هي الاستعارة، كنت تقفو أثر الأجداد، تمشي في غيّك تارة، تسبح في دمها أخرى، في الحالين تترنح بين الأضداد، هي ذي مدينة موهوبةٌ على خدّ الملاح، محمولةٌ فوق الأسنّّة والرماح، الكاعب الحسناء ترفل في الدمقس، كل العواصم غيرها بِِيدٌ، قلتَ، وحدها يا أنتِ ريحٌ وراح، لكنتَ تطوي براً وبحراً، تومض في الجوانح ناراً أو كأنك تضمر ثاراً، تسأل كيف أقدح الإعجاز، أجابتك اعشقني أولاً، طويلاً، فما كل سر يباح!
ومحضتها ثقة عمياء، زوّجتَها نسغ العبارة، أرضعتك الشهد، لستَ للحصرم، أنت لداني القطاف، لهجتَ بذكرها، صرت تسبح دهراً من روشة المتوسط إلى أطلسي الضفاف، الموج يغسل وجهها في الصباح، الشعر في المساء لها وشاح، والدهر منها حلم يمخر بالجواري المرسلات إلى العلى، تارة هنّ كُحل أهدابها، وأخرى سُحبٌ سودٌ، لِمَ لا مواكب هي للزفاف.
كتابُك دائماً باليمين، بالقوة دائماً وبأنفاس الحنين، وطور سنين، كيف تنكثين عهدك لي، ضيعتُ قلبي فيك، صدقت شعرك، فكرك، آمنت بك كاليقين، وعدتِ أنكرتِ نفسك، أنتِ أرضُ جبران النبي والكتاب، من أنت بلا كتاب، أوَسقط النَّصيف، عمّ الضباب، أم تراها خاتمة المطاف؟!

(كتب هذا النص إثر إغلاق مكتبة «راس بيروت» في شارع «بلس»، وهي من معالم المكتبة العربية في بيروت، للصديقة المكافحة فاديا جحا).
* كاتب وناقد مغربي