طلاق، خيانة، علاقات سريّة... عناوين مختلفة لاحقت بها الصحف مشاهير العالم، وآخر الضحايا سيغولين رويال التي رفعت دعوى على Paris match بتهمة «التعدّي على حياتها الشخصية»

باريس ــ خضر سلامة
قرّرت سيغولين رويال، المرشّحة الاشتراكيّة السابقة للرئاسة الفرنسية، رفع دعوى على Paris Match بتهمة «التعدّي على حياتها الشخصيّة»، مطالبةً بتعويض 50 ألف يورو. أمّا السبب فهو نشر المجلة الفرنسيّة صوراً لرويال مع رجل مدّعيةً بأنّه عشيقها. هذه الحادثة تعيد إلى الواجهة قصص مشاهير وقعوا جميعاً ضحية الإعلام الذي اقتحم حياتهم الشخصيّة وحوّلها إلى «هايد بارك». وبينما يرى بعضهم أنّ ذلك دورٌ طبيعيٌّ للإعلام، يراه الضحايا تجاوزاً للمواثيق الأخلاقية العالمية التي تضمن حقوق الإنسان.
طلاق، خيانة زوجية، علاقة سرية... عناوين مختلفة لاحقت بها الصحف مشاهير العالم، ولا تزال قضية مونيكا لوينسكي ماثلةً في الأذهان. تلك الفضيحة التي كلّفت الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ثمناً باهظاً. أما قضية الأميرة ديانا، فما زال الجدال بشأنها قائماً حتى اليوم في بريطانيا، بعدما اتُّهمت الصحافة المحلّية بالتسبّب بمقتلها. إذ ظلّت كاميرات «البابراتزي» تلاحق الأميرة وعشيقها دودي الفايد... والأمثلة كثيرة على استباحة الإعلام لحياة المشاهير الخاصّة.
إيف لفون، البروفسور في المركز الجامعي لتعليم الصحافة في ستراسبورغ في فرنسا، يرى أنّ «الواجب الصحافي يقضي عُرفاً بقيام الصحافة بدورها كمراقب أخلاقي للمجتمع. لذا، فالفضائح الجنسيّة أو القضائية للمشاهير، مادةٌ مشروعة بل واجبة على الإعلام. إذ ينبغي أنّ ينبّه هذا الأخير المشاهير إلى التقيّد بحدود أخلاقية أو قانونية ملزمة». ويتوقّف لفون هنا عند الشهرة: «للشهرة ثمن. وهذا الثمن هو تحوّل الشخصية إلى مركز اهتمام شعبي. هذا الاهتمام، في مجتمعات محكومة بالاستهلاك، وإعلامها أيضاً، يبدو مادة للاستغلال التجاري، أيّ استغلال شهرة الشخصيّة، للبيع وإحداث «صدمات» إخبارية». لذا، يرى لفون أنّ المسبِّب الأول لهذه النزعات الفضائحية هو طبيعة مجتمعات الاقتصادات المفتوحة الحرة التي تنشر الفقه الاستهلاكي.
وأخيراً، يعيد إيف لفون إلى الذاكرة «الميثاق الأخلاقي غير الملزم الذي وضعته لجنة شكاوى الصحافة البريطانية بعد مقتل الأميرة ديانا. وقد طالب بعدم نشر مواد إخبارية عن الحياة الشخصية للأفراد إلا بعد موافقتهم، ولدى ثبوت وجود مصلحة عامة في نشر الخبر، رغم مطاطية كلمة المصلحة العامة وتأويلاتها».
إذاً، اختلاف التأويل للمواثيق والمواد القانونية هو المشكلة: الصحافيون والمصورون الذين يلاحقون الشخصيات العامة، يتذرّعون بالمواد القانونية التي تضمن حرية التعبير وحرية الصحافة الموجودة في مختلف التشريعات الحديثة، أوّلها المادة 19 من إعلان حقوق الإنسان التي «تضمن استقاء الأنباء والأفكار وتلقّيها وإذاعتها بأية وسيلة». فيما يدعو معارضو «تجاوزات الصحافة» إلى الالتزام بالمادة 12 من نفس الإعلان، وتدعو إلى عدم التدخّل في الحياة الشخصيّة أو السمعة.
وبين الرقابة الأخلاقية على المشاهير، وحبّ التلصّص و«استباحة» الحياة الشخصيّة، لا تزال الوسائل الإعلامية العالمية في معركة تقويم ذاتي تارةً، ومعارك قضائية طوراً... في وقت يُثبت فيه الاعلام أنّه السلاح الأقوى لصناعة النجوم أو تدميرهم!