تيغران همسيان يشتغل على الجمع بين الجاز والفولكلور الأرمني. موعدنا مع التركيبة السحريّة والمألوفة في بيروت ليل الأحد، بدعوة من «ليبان جاز»

بشير صفير
بعد أقلّ من شهر على الحفلة التي قدّمها عازف الغيتار الفيتنامي نْغويان لي، أعلن «ليبان جاز» إقامة حفلة ثانية ضمن موسمه الجديد سيقدّمها «ثلاثي تيغران همسيان» مساء الأحد المقبل 15 آذار (مارس) الحالي في «ميوزكهول». إذا استعرضنا الأسماء التي دعاها هذا المهرجان الدائم لموسيقى الجاز منذ انطلاقة موسمه الأول عام 2004، نلاحظ أن بعض الفِرق لا يمكن نسبُها إلى هذا النمط من دون تحفظات مثل أنور براهم، نسيم معلوف، ظافر يوسف. لكن في الحفلة المقبلة، يضيف «ليبان جاز» إلى رصيده حدثاً يعبّر عن توجهه الأساسي، إذ يستقبل موسيقيين يقدمون تجربة «جازية» بالدرجة الأولى، ولو أن لنواتها، المؤلف وعازف البيانو تيغران همسيان، تجارب موسيقية بعيدة كل البعد عمّا سيقدمه في الحفلة المرتقبة.
«ثلاثي تيغران همسيان»، فرقة تعتمد تلك التركيبة السحرية والمألوفة في موسيقى الجاز (بيانو، باص، درامز)، وتقدم أعمالاً جديدة من تأليف العضو الأساسي فيها عازف البيانو الأرمني الشاب تيغران همسيان. ولد همسيان في أرمينيا عام 1987، وأظهر ميلاً واضحاً إلى الموسيقى وموهبة واعدة وهو لمّا يبلغ الثلاث سنوات! آنذاك كان الطفل يحفظ أغنيات لفرق الروك الشهيرة («لاد زبلين»، «بيتلز»، «كوين»، «ديب بُربِل»...) ويغنيها محاولاً مرافقة نفسه على البيانو. في السابعة من عمره، اكتشف عالم الجاز وأخذ يرتجل على البيانو انطلاقاً من أعمال كبار رموز هذا النمط، كما بدأ دراسته الموسيقية الكلاسيكية والتعمّق أكثر بمدارس وتيارات الجاز الأميركي وبالموسيقى الفولكلورية الأرمنية. مع أولى سنوات المراهقة كان همسيان قد كوّن قدرات تسمح له بالمشاركة في مهرجانات الجاز المحلية، ومن ثم في مسابقات ومهرجانات الجاز الأوروبية العريقة، حيث حصد جوائز عدّة في فئة العزف المنفرد على البيانو وهو لم يبلغ بعد سن الرشد.
في عام 2006، أصدر همسيان في إطار فرقة رباعية ألبومه الأول بعنوان World Passion، راوح ما ورد فيه بين الجاز الكلاسيكي والحديث والـ«بي ــ بوب». بعد حوالى سنة، صدر ألبومه الثاني New Era الذي اعتمد فيه التركيبة الثلاثية التي سنشاهدها في حفلته البيروتية. وفي شباط (فبراير 2009)، ابتعد الموسيقي الشاب عن عالم الجاز نسبياً وجمع خمسة عازفين أميركيين من أترابه مكوّناً فرقة «آراتا ريبُرْث» ومقدماً ألبومه الثالث Red Hail الذي حوى مادة موسيقية/غنائية متنوّعة، فيها الروك، أو حتى الهارد ــ روك (الروك الصاخب) والموسيقى الفولكلورية الأرمنية وبطبيعة الحال، الجاز.
في العودة إلى حفلة مساء الأحد المقبل، سيقدم تيغران وفرقته أعمالاً من ألبومه ما قبل الأخير، لتتناسب مساهمته مع محور نشاط «ليبان جاز» بما أن الموسيقي الأرمني ابتعد عن الجاز في جديده. إذاً في New Era الذي صدر منذ سنة ونيِّف، قدم همسيان معزوفات ذات توجه تقليدي مساراً وقالباً. هذه النزعة الكلاسيكية أتت خاصة جداً لما لصاحب الموهبة الاستثنائية من قدرة على تكوين هوية فريدة والإيحاء بها في المكتوب والمرتَجَل. كما أدرج في الألبوم محطات متنوعة شملت الجاز/ تانغو على غرار كارلا بلاي (على سبيل المثال) والجاز المتأثر بالإثنيات البلقانية والشمال غرب آسيوية، محاكياً هنا النمط التي اشتهرت به المؤلفة الموسيقية وعازفة البيانو الأذربيجانية عزيزة مصطفى زاده (إدراج بعض الهمسات الصوتية المتراشقة أو ما يعرف بالـ«سكاتينغ» في مرافقة مشابهة تماماً للجمل الموسيقية)، أو مستعيراً هناك من النَفَس الأرمني (ومحيط أرمينيا) جملاً لحنية ليتناولها في قالب جازيّ. كما يستضيف تيغران همسيان في معزوفتين من الألبوم عازف دودوك (آلة فولكلورية شبيهة بالكلارينت تُستعمَل في أرمينيا وتركيا) ليقدم مرافقة للثلاثي أو ارتجالاً محترِماً قواعد موسيقى الجاز من دون التخلي عمّا اعتادته آلته من نغمات لغتها الأم.


21:00 مساء الأحد 15 آذار/ مارس ــــ «ميوزكهول» ــــ 01/999666