حسين السكاف«ما يهمّني في العمل الفنّي هو ملامسة حميميّة الآخر بصرياً، والمرور بأجنحة الفنّ صوب الروح البشرية عبر الجسد». هكذا تضعنا اللبنانيّة لمياء صفي الدين أمام الهمّ الذي يقود بحثها وانشغالاتها بالطرق والأساليب التي تنبثق من خلالها الحركات التعبيرية الراقصة، وصولاً إلى حالة التألق الروحي على خشبة المسرح. أبجديّة حركيّة راقصة توصلنا إلى طرب بصري، على إيقاع جسد طوِّعَ ليكون مادة تعبيرية بامتياز.
لمياء صفي الدين الحائزة دكتوراه في «ثنائية اللغة وتناغم الحضارات» عُرِف عنها شغفها بالمسرح والرقص التعبيري منذ كانت تجلس على مقاعد الدراسة في بلجيكا أواسط الثمانينيات. وقد استضافتها باريس في اليوم العالمي للمرأة، لتقدّم عرضاً تعبيرياً راقصاً بعنوان «ليليت». نفّذ العرض الراقص بمصاحبة توليفة موسيقية مأخوذة من مقاطع لعدد من الفنانين، مثل رابح أبو خليل وزياد الرحباني ومارسيل خليفة... وكعادة أعمال لمياء صفي الدين، لا وجود لأي نص مكتوب يضع العمل بأكمله في حدود معينة على غرار الأعمال المسرحية، بل هناك سيناريو لعمل متكامل. الموسيقى والأزياء والإضاءة وخشبة المسرح تشترك جميعها لتقديم صور تعبيرية تجسّد صورة ليليت الأسطورة ورمزيّتها المسلطة على واقع المرأة في عالمنا الراهن. العمل بفكرته يأخذ طابع الأمنية. إذ يدعو إلى ضرورة امتلاك المرأة لأجنحة تأخذها إلى فضاءات الاستقرار والحرية. لمياء صفي الدين عرفها الجمهور العربي والفرنسي في العديد من المناسبات، وخصوصاً حين قدّمت رقصاتها التعبيرية على إيقاع شعري لمقتطفات من قصائد جبران عام 2004 في قاعة معهد العالم العربي في باريس. وهي ستقدّم أيضاً في 19 آذار (مارس) في قاعة الأونيسكو في باريس عملاً بعنوان «لبنان في البال» حيث ستؤدي حركاتها التعبيرية الراقصة على إيقاع شعري أيضاً، ولكن هذه المرة مع مقتطفات من قصائد لعدد من الشعراء العرب، بينهم جبران خليل جبران، ناديا تويني، محمود درويش، عباس بيضون... العمل سيكون بمرافقة عزف موسيقي حيّ ينفذه أربعة عازفين.
«لبنان في البال» يرسّخ أهمية هذا البلد الذي يظل منهلاً ثقافياً كبيراً وعنواناً للجمال على رغم كل المآسي التي مرت به.
يُذكر هنا أنّ لمياء قدمت منذ عامين عملاً بعنوان «فلسطين في البال». ولما سألناها عن العمل القادم، أجابت «ربما العراق في البال»!
صحيح أنّ لمياء مهتمة بالبحث ودراسة الرقص الشعبي لشعوب العالم، إلا أنّها لا تعتمد على التراث أو الرقص الفولكلوري كمادة أساس في أعمالها. ما يشغلها هو إيجاد كيمياء خاصة تمزج بين القديم والحديث لتكوين صورة تعبيرية معاصرة من خلال اهتمامها بالرقص الإيحائي الذي يمنح المشاهد عبق الفن التعبيري الحديث في القرن الواحد والعشرين.