ميمنة سالمعاد المئة شاعر من حيث أتوا، بعدما تاهت نرجسيّاتهم فوق «رمال دبي» وبين دهاليز فنادقها الفخمة. هدأ الصخب الذي روّج له بعض الإعلام، من دون أن نعرف إذا كان «مهرجان دبي الدولي للشعر» قد نجح، خلف الواجهة الاستعراضيّة، في خلق فسحة للتواصل، بين الشعراء، وبينهم وبين الجمهور. لكن هل هناك للثقافة في دبي أصلاً «جمهور»؟ من الشعر إلى السينما، مروراً بالفن المعاصر الذي تحتفي به الإمارة في الأيام المقبلة، هي وجارتها الشارقة؟ ذهب المئة شاعر، وبقينا مع أسئلتنا. حملناها إلى جمال بن حويرب رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان الذي حرص، كما يقول، على تسجيل الملاحظات. وجدنا الشاعر الإماراتي يعيش حالة من الرضى، رغم «ضرورة تجاوز بعض الثغرات»: «لم تكن سوى الدورة الأولى، وطموحاتنا المستقبلية كبيرة». صحيح أن أدونيس فضّل أن يطلب الشعر في الصين، لكن وول سوينكا برأ من آلامه المبرّحة واستلحق الاختتام بخطبة لطيفة. أما برايتن برايتنباخ الذي اقترن في أذهاننا في الأمس، بمقاومته الباسلة لنظام التمييز العنصري في أفريقيا الجنوبيّة، فقد جاء يجرّ أذيال شيخوخة سعيدة.
لكن وفق أي معايير اختير الضيوف؟ «على أساس الشهرة والموهبة (...) هناك شعراء موهوبون لم يشتهروا بعد، أردنا أن نصل بهم إلى العالمية». كلا، المناسبة لم تكن دعائية: «المهرجان للشعر والشعراء... أما الدعاية فلها قنوات أخرى (...) شعار المهرجان «ألف شاعر لغة واحدة. هذا التنوّع يثري الثقافة ويفتح أبواب الحوار الحضاري (...) رسالتنا إلى العالم أنّ هناك سبيلاً آخر للحوار ألا هو الشعر».
وماذا عن الجمهور؟ «إنّها فرصة نادرة أن يجتمع في مكان واحد جمهور الشعر النبطي والعمودي والحديث. لكن لا يمكننا أن نجبر أحداً على تفضيل هذا الشاعر أو ذاك. من لم يحضر الأمسيات، فسيشاهدها على التلفزيون أو عبر الأقراص المدمجة». وكيف يفسّر أن مصر لم تتمثّل إلا بأحمد عبد المعطي حجازي وسيد حجاب؟ «المذكوران من خيرة شعراء مصر»، السنة المقبلة وعلينا الخير. وأخيراً الإنجازات: «أطلقت «رابطة شعراء العالم» لتعمل على تعزيز الروابط بين الشعراء على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم... وجائزة دبي الدولية للشعر، بفروعها الثلاثة: الشاعر المبدع وشاعر الإنسانية والشاعر المترجم». لم يبق على الشعراء العرب سوى الانتظار، فإذا أخطأ أحدهم العالميّة، بقيت له جائزة العبور على رمال دبي!