من وردة وأصالة وكاظم وعاصي إلى... ميليسافاطمة داوود
مَن يصدّق أنّ فناناً قد يدفع نصف مليون دولار ليشارك فنّاناً آخر ديو غنائياً لا يتعدى أربع دقائق؟ هذا بالضبط ما أشيع عن الديو الذي جمع بين النجم السينغالي آكون واللبنانية ميليسا التي انطلقت حديثاً في عالم الغناء. لكن ما هي جدوى الأغنيات المشتركة؟ وهل تضيف شيئاً إلى رصيد أحد الثنائي؟ وخصوصاً أنّنا في عالم سيطر عليه مبدأ «أغنية ـــــ الفيديو كليب» حيث لكلّ فنّان مساحة كبيرة للظهور وعرض «عضلات» صوته ومؤهلاته الكاريزماتيةمبلغ النصف مليون دولار مثّل صدمةً واختراقاً للأزمات المالية العالمية التي ضربت الإنتاجات والحفلات الفنية. ميليسا، التي تكتّمت على القيمة الحقيقية للمبلغ، برّرت الأمر لـ«الأخبار»: «آكون يستحقّ حتماً أكثر من ذلك بكثير، فهو يتربّع على عرش قائمة الفنانين في العالم». لكن إلى أي مدى ستستفيد من هذا العمل، وخصوصاً أنّها خاضت تجربة سابقة مع «دكتور ألبان»؟ تجيب: «كل مشاركة مع فنان عالمي لها بصمة خاصة. أسعى حالياً إلى تنفيذ ديو مع ريكي مارتن وأتمنى تحقيق هذا الأمر بسرعة». وتعترف ميليسا بأنّ غنائها مع آكون لن يسمح لها بأن تكون فنانة عالمية ما دامت تغنّي باللغة العربيةيبدو أنّ حمى الديو تجتاح العالم العربي هذه الأيّام، واللافت هذه المرّة أنّها تجمع بعض نجوم الصفّ الأوّل أمثال وردة وكاظم.
لا شكّ في أنّ الديو الذي يجمع فنانة صاعدة بمطرب مكرّس يمثّل عاملاً لا بأس به في انتشار شهرة الفنانة المغمورة. وليس أدلّ على ذلك سوى إليسا التي تكرّست شهرتها مع النجاح الذي حقّقته في الديوهات التي جمعتها براغب علامة ثم لاحقاً بكريس دي بيرغ. ويبدو أنّ حنيناًدفع إليسا اليوم إلى مشاركة فضل شاكر في ديو أغنية «جوّا الروح» (كتب كلماتها أحمد ماضي ولحّنها صلاح الكردي ووزّعها ناصر الأسعد) التي أُدرجت في ألبوم شاكر الجديد «وافترقنا». هذه المرّة استطاع فضل شاكر أن يأخذ إليسا إلى عالمه الخاصّ والنمط الغنائي الذي اشتهر به. طبعاً، لن يحقّق العمل تقدّماً لهذين الفنانين المعروفين سوى أنّه تعاون جميل. إذ إنّ كليهما على مستوى واحد من النجوميّة والانتشار الجماهيري. وذلك بخلاف الديو السابق «آخذني معك» الذي جمع فضل شاكر بالفنانة يارا التي استفادت منه في تحقيق الانتشار على مستوى العالم العربي. «روتانا» المنتجة لأعمال فضل شاكر وإليسا لم تتبّن هذا التعاون فقط، بل تستعد لإطلاق ديو جديد بين عبد الله الرويشد ونوال الكويتية (كلمات الناصر وألحان مشعل العروج) في ثاني تعاون لهما بعد «اعذريني» التي أضافت إلى رصيد الفنانين نقاطاً كثيرة. وتبقى المفاجأة الديو الذي سيجمع وردة الجزائرية بكاظم الساهر في قصيدة كتبها ولحّنها الفنان العراقي بنفسه. وقدأعلنت «روتانا» عن إصدار ألبوم كامل من الديوهات التي ستجمع وردة بعدد من الفنانين العرب.
رامي عياش أيضاً لحق بالموجة. هكذا، اجتمع فجأةً بالفنّان الشعبي أحمد عدوية لتسجيل أغنية «الناس الطيبين» (كتب كلماتها أيمن بهجت قمر ولحّنها محمد يحيى ووزّعها أحمد عادل) وستُصوَّر الأغنية على طريقة الفيديو كليب. عياش أكّد أن هذا العمل المشترك لم يكن مخطّطاً له لكن الشاعر أيمن بهجت قمر كان «عرّاب» الأغنية. إذ اتّصل بعدوية وأعلمه بالأمر فوافق بسرعة. وقد توقّّع المتابعون أن يسهم هذا العمل في ترسيخ نجومية عياش في مصر بعدما حقّق نجاحاً في غنائه تيتر مسلسل «قلب ميت» ونال عنه جائزة أفضل عمل. لكن لا أحد يستطيع أن يتنبّأ بمدى نجاح الديو سوى الأيام المقبلة، وخصوصاً أنّ مزيداً من الأعمال المشتركة ستبصر النور بينها ديو يجمع بين الفنان المصري هاني شاكر واللبناني وائل جسّار الذي قال لـ«الأخبار»: «النمط الغنائي الذي نقدّمه هاني وأنا متشابه من ناحية التركيز على الإحساس والرومانسية. لذا ليس غريباً أن نجتمع في عمل مشترك».كما يستعدّ المخرج المصري طارق العريان لتصوير أغنية «مش فاكر ليك» التي تجمع زوجته المطربة أصالة والمصري الشاب رامي صبري. مجموعة أخرى من الفنّانين لديها أمنيات كثيرة بتقديم ديو مع مغنّين معروفين. إذ صرّحت شذى حسّون أنّها تتمنى الوقوف إلى جانب ابن بلدها كاظم الساهر، بينما كشفت يارا عن أمنيتها الغناء مع حسين الجسمي، وتمنّت أروى الغناء مع أبو بكر سالم. وما زالت أمنية صابر الرباعي الغناء مع سيلين ديون مجرّد حلم ليس إلا. بينما صرّح عبد الله الرويشد أنّه يتمنى تقديم ديو مع شيرين عبد الوهّاب التي حققت نجاحاً مع تامر حسني بأغنية «لو كنت نسيت»، فيما أخفقت مع هاني شاكر في أغنية «أنا قلبي ليك»أمّا الشائعات التي تحدّثت عن تنفيذ بعض الديوهات، فقد اتخذ بعضها منحىً طريفاً مثل استعداد شعبان عبد الرحيم لإطلاق عمل مشترك مع الفنّان محمد عبده! وتردّدت شائعة أخرى عن ديو يجمع راغب علامة وهيفا وهبي سرعان ما نفاه علامة. ليظهر لاحقاً أنّه شارك إحدى الفنانات الإيرانيات ديو أغنية «حبيبي» أُدرجت في ألبومه الأخير «بعشقك»وسجّلت بعض الأعمال المشتركة فشلاً ذريعاً مثل ديو ملحم بركات ونجوى كرم «بالسنة أشوفك يوم»، على رغم إطلاقه كإصدار خاص، وترويجه الجيد. وفشلت أغنية «لا السهر سهر» بين جو أشقر وهناء الإدريسي على رغم تصويرها فيديو كليب، بينما ما زال عاصي الحلاني ينتظر مع رويدا عطية تصوير أغنية «صحراء الشرق» لضمان انتشارها جماهيرياً. وذلك بعدما مُني ديو «ارجعلي» بين الحلاني ونجمة ستار أكاديمي شيماء هلالي بالفشل وذهب مشروعه الفني مع أصالة أدراج الرياح. وفشل ديو أمل حجازي مع الفنان ريّان، بينما عرقلت «روتانا» إطلاق ديو أمل حجازي وإيوان بسبب تضارب مصالح «ميلودي» و«روتانا» اللتين ينتسب إليهما الفنانانالديو الغنائي وإن كان يسهم في انتشار بعض الفنانين، لكنّه لا يحدث انقلاباً جذريّاً في مسيرة أي فنّان، بدليل أنّ الذين طرحوا أعمالاً مشتركة، سواء في بداية انطلاقتهم أو بعد تحقيق الانتشار، إمّا فشلوا به أو حافظوا على المستوى الذي وصلوا إليه سابقاً.


اللحن والكلمة أم جاذبية الثنائي؟



محمد عبد الرحمن
الديوهات الشهيرة في تاريخ الموسيقى العربية كثيرة وغير قابلة للحصر، وخصوصاً بعدما أتاحت الأفلام الغنائية خلال حقبتي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تقديم العشرات من الأغنيات الناجحة بين كبار المطربين مثل الثنائي شادية وعبد الحليم أو الثنائي وديع الصافي وصباح.
لكنّ انتشار الكثير من الديوهات في السنوات الأخيرة لم يكن فقط بسبب الكلمات والألحان وأداء كلا المطربَين. بل لعبت جاذبية الثنائي والجدل الذي حاصر هذه التجربة دوراً أساسياً في نجاحها. على سبيل المثال، واجهت أغنية «ليه يا دنيا» لمحمد منير وخالد عجاج انتقاداً غريباً من نوعه. إذ عارض جمهور منير غناءه مع عجاج الذي كان مصنّفاً حينها مطرباً شعبياً لم يكن قد حقّق قاعدةً جماهيرية كبيرة. كما كانت هذه الأغنية هي الأولى، منذ فترة طويلة، التي يشترك فيها رجلان لا مطرب ومطربة. وجاءت بعد توقّف حميد الشاعري عن تقديم الديوهات التي جمعته بعدد من زملاء جيله مثل هشام عباس ومصطفى قمر. من جهتها، لفتت ديانا حداد الانتباه باختيارها المطرب المخضرم محمد العزبي في ديو أغنية «جرح الحبيب» التي حقّقت نجاحاً كبيراً في مصر فاق نجاح أغنياتها الأخيرة «ماس ولولي» مع الشاب خالد. والعكس حصل مع سميرة سعيد التي فازت بجائزة «ميوزيك أوارد» بعد غنائها مع الشاب مامي «يوم وارا يوم».
غير أنّ الأغنية التي أثارت جدلاً كبيراً كانت «مين حبيبي أنا». إذ إنّ نوال الزغبي هي التي أدّت الأغنية أكثر من مرة في حفلاتها والمقابلات التلفزيونية، ما دفع بصاحب الأغنية أي وائل كفوري إلى تسجيلها على شكل ديو. وقد تعرّف الجمهور المصري على المطربين من خلال هذا الثنائي الفنّي الناجح.
ديوهات أخرى رُسمت حولها علامات استفهام بسبب رغبة أصحابها في الوصول إلى العالمية، وخصوصاً عمرو دياب وحكيم. إذ قدّم كلاهما ديوهات عدّة. لكنّ نجاحها لم يكن في المستوى المطلوب. هكذا، ظلّت أغنياتهما الفردية أكثر قدرة على جذب الجمهور. وكان عمرو دياب قد ترك هذه التجربة بعد غنائه إلى جانب الشاب مامي واليونانية أنجيلا ديمتري، فيما ظل حكيم لسنوات يقدّم أغنيات من هذا النوع حقّقت له جذباً إعلامياً لكنها لم تضِف إلى مسيرته أي رصيد فنّي يُذكر.