صباح أيوبيبدو أن بريطانيا بدأت حملتها الخاصة للشفاء من عوارض الأزمة المالية العالمية. وهي، لهذا الهدف، لم تجد أفضل من... «البروباغندا». شعار واحد يرفع اليوم في أنحاء «الإمبراطورية العظمى»: ملصق أحمر مدموغ بالتاج الملكي كُتب عليه بالخط الأبيض العريض عبارة «ابقَ هادئاً وتابع حياتك» Keep Calm and Carry On. على جدران المنازل، في الحانات، على واجهات المحالّ ، في مكاتب قصر «باكنغهام»، في مختلف الوزارات، في مكتب نائب مدير جامعة «كامبريدج» وفي خزانة اللاعب دايفد بيكهام مطبوع على إحدى قمصانه! لكن هذا الشعار لم تخترعه إحدى الشركات الإعلانية حديثاً، والغالبية العظمى من البريطانيين لا يعلمون أنّ المملكة قد نبشت هذه العبارة من إحدى حملاتها البروباغندية ضد النازية في عام 1939! الشعار الذي بات مطبوعاً على الأكواب، والقمصان وملابس الأطفال والقبعات ويُستخدم خلفيّة لشاشة الكومبيوتر وعلى الهواتف المحمولة اليوم يعود إلى الحرب العالمية الثانية إذاً. في تلك الفترة، هيّأت بريطانيا ثلاثة ملصقات بهدف استخدامها إذا اخترق الجيش النازي المحيط وعَبَر القناة. وبينما نُشر اثنان من الملصقات المجهّزة واستُخدما في «الحرب النفسية» الداخلية، احتفظت القيادة البريطانية بالثالث (وهو الملصق الحالي) وذلك بغية استعماله فقط في حالة الغزو النازي للأراضي البريطانية! الأمر الذي لم يحصل فبقي الشعار منسياً لمدة 60 عاماً. وها هو يبصر النور اليوم ليستخدم في «حرب نفسية» من نوع آخر، حرب تخوضها بريطانيا والعالم ضد تبعات الأزمة المالية. وقد ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أنّه في عام 2000 اكتشف صاحب متجر للكتب يدعى ستيوارت مانلي نسخة قديمة من الملصق، فأعجبه وعلّقه على جدران محلّه، ومن هنا بدأت رحلة استخدامه وصولاً إلى اعتماده شعاراً وطنياً. وبات للشعار إياه موقع إلكترونيّ وهو www.keepcalmandcarryon.com الذي يبيع منتجات طبعت عليها عبارة الموسم تلك، كما ظهرت معارض اخرى على الانترنت تسوّق للشعار وهي تشهد إقبالاً متزايداً على المبيع. لذا شهد الشعار انتشاراً خارج الاراضي البريطانية ايضاً.
وفيما باع مانلي حوالى 41 ألف نسخة منه لغاية الآن، تصل الطلبات على «منتجاته» عبر الإنترنت إلى 500 طلب في الأسبوع. وعن نجاح هذا الشعار، يقول أحد العلماء النفسيين لـ«الغارديان» أن «الشعار منطقي يحاكي العقل والعاطفة في آن، هو هادئ وله معنى ويوحي بالسلطة». العبارة تقول ضمناً: «هناك من يعرف بوضعنا ويهتم لأمرنا»، لذلك استطاع أن يجذب المواطنين، يضيف المحلل النفسي مردفاً
أنّ «الناس بحاجة إلى ما يطمئنهم ويبعث الأمل في نفوسهم بعدما شعروا بأنهم خُدعوا بوعود اقتصادية كاذبة منذ السبعينيات».