بيت مري على موعد الليلة وغداً مع الفرقة الروسية: أوبرا لأحد رموز تيار الموسيقى الفرنسية الكلاسيكية المعاصرة، والسبت مع الغناء الفولكلوري الروسي
بشير صفير
قبيل اختتام «مهرجان البستان» مع سهرة المفاجآت التي ستجمع بين الموسيقى وما لم يُعلِنه المنظمون، تقدِّم «هيليكون أوبرا» على مدى ليلتين متتاليتين (اليوم وغداً) العرض الأوبرالي لموسم 2009، «حوارات الراهبات الكرمليات» للفرنسي فرانسيس بولنك. تأسست الفرقة الروسية مطلع التسعينيّات وقدمت من يومها أعمالاً أوبرالية، وهي تتولى منذ سنوات تنفيذ الأوبرا التي تُدرَج إدراجاً ثابتاً في برنامج «مهرجان البستان».
في إطلالتها الـ 11 في «البستان»، ستقدِّم فرقة «هيليكون أوبرا» عملاً أساسياً في القرن العشرين لأحد رموز تيار الموسيقى الفرنسية الكلاسيكية المعاصرة Francis Poulenc فرانسيس بولنك (1899 – 1963). وضع بولنك موسيقى أوبرا «حوارات الراهبات الكرمليات» (وهي أول عمل له في هذه الفئة) في الخمسينيات، وقدَّم عرضها الأول في مسرح «لا سكالا» الشهير في ميلانو الإيطالية عام 1957.
تتألف الأوبرا من ثلاثة مشاهد مقسَّمة إلى 11 لوحة، وتحكي قصة راهبات كرمليات فرنسيات يعِشنَ هاجس الإعدام بُعَيد اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789. تتناول حواراتها بأسلوب واقعي الحالات النفسية التي تعيشها المرأة أمام احتمال الموت. يتضمّن سياق قصة هذه الأوبرا خوف المرأة من مغادرة الوجود، أو مواجهة هذه الحالة متحليةً بإيمانها، أو تحولاتها النفسية التي تسلحها بالشجاعة حيناً وتغرقها في الهزيمة واليأس حيناً آخر. وكان بولنك مهووساً إلى حدٍّ ما بدراسة نفسية المرأة من خلال التحليل العلمي، ومعرفة أسرارها ومحاولة التعبير عنها وترجمتها من خلال الموسيقى. في هذا السياق، لبولنك عمل آخر أكثر تعقيداً رغم أنه أكثر مينيمالية على مستوى الشكل (مونولوغ تراجيدي غنائي لممثلة/ مغنيّة واحدة) هو «الصوت البشري» الذي كتب نصّه صديقه الكاتب الفرنسي جان كوكتو. ونرى فيه التحولات النفسية لامرأة تجري الاتصال الهاتفي الأخير مع حبيبها قُبَيْل انفصالهما، يطول لمدة حوالى نصف ساعة.
إذاً بعدما قدّمت العديد من الأعمال الأوبرالية (والغنائية الدينية أيضاً) في مواسم «البستان» السابقة، وكان آخرها السنة الماضية مع أوبرا «خطيبة القيصر» (1899) للروسي نيكولاي ريمسكي ـ كورساكوف (1844 – 1908)، يعود المشهد مع «هيليكون أوبرا» فرنسياً هذه السنة. لكن بعد العرضين اللذين نشاهدهما مساء اليوم وغداً، لن يغادر مغنو الفرقة لبنان. إذ يخلعون أزياء الراهبات وعسكر الثورة الفرنسية، ويرتدون الزيّ التقليدي الروسي لتقديم عرض إضافي ومن نوعٍ آخر بعنوان «كالينكا». إذاً مساء السبت المقبل، محبّو الغناء الفولكلوري الروسي على موعد مع باقة من روائع هذا التراث الغنيّ والناضح بالحياة والحركة والحنين. وتستوحي الأمسية عنوانها من أغنية «كالينكا» الشهيرة التي أصبحت بحد ذاتها رمز الفولكلور الشعبي الروسي وسفيرته إلى الشعوب الأخرى رغم أنها ليست مجهولة المصدر كمعظم الفنون الغنائية الشعبية في العالم، بل تحمل توقيع الفنان الروسي إيفان بيتروفيتش لاريونوف (1830 ــ 1889). هذه الأغنية وغيرها من الأغنيات أسهم في انتشارها على مستوى العالم كورس الجيش الأحمر الذي قدّم نسخته «العسكرية» المنضبطة بمرافقة أوركسترالية لمجموعة منها صدرت في أسطوانات غزت الأسواق ــ وخصوصاً بُعيْد انهيار الاتحاد السوفياتي ـ تحت شعار «النجمة الحمراء / كورس الجيش الأحمر».
أما القالب الذي ستقدم فيه «فيليكون أوبرا» الفولكلور الروسي العريق، فتتولاه جوقة الفرقة، في غناءٍ جماعي بقيادة مدرّبها دينيس كيربانيف، يتخلله أداء منفرد لبعض أعضائها. فيما تُقتصر المرافقة الموسيقية على آلة البيانو يتولاها الروسي أيضاً، فلاديمير روديونوف.


«حوارات الراهبات الكرمليات» ــــ 8:30 مساء اليوم وغداً «كالينكا» ــــ 8:30 مساء السبت
مهرجان البستان (بيت مري، لبنان): 04/972980