ألمودوفار وكين لوتش وفون تراير وفينشر وتارنتينوعثمان تزغارت
قبل شهرين من افتتاح الدورة الـ62 من «مهرجان كان السينمائي الدولي» (13 إلى 24 أيار/ مايو المقبل)، وقبل خمسة أسابيع من موعد الإعلان الرسمي عن الأعمال التي ستحظى بدخول السباق على «السعفة الذهبية»، بدأت تتسرب بعض المعلومات الأولية عن المحطات الأهم التي ستشهدها هذه الدورة التي سترأس لجنة تحكيمها الممثلة الفرنسية إيزابيل هوبير.
المؤشر الرئيسي في «كان 2009» سيكون، بلا منازع، عودة عدد بارز من كبار صنّاع الفن السابع الذين افتقدتهم «الكروازيت» في المواسم الأخيرة. إذ يرتقب أن تشهد المسابقة الرسمية في هذه الدورة «صراع جبابرة» بين حفنة من كبار السينمائيين الذين فازوا سابقاً بـ «السعفة الذهبية»، أو بإحدى جوائز المهرجان الرئيسية (الجائزة الكبرى، جائزة لجنة التحكيم، أفضل إخراج، أفضل سيناريوفي مقدمة هؤلاء، الإسباني بيدرو ألمودوفار الذي سيقدّم هذا العام جديده «العناق الكسير» الذي تتقمص بطولته ممثّلته الأثيرة، بينيلوبي كروز. على غرار أعمال صاحب «كل شيء عن أمي» (جائزة أفضل إخراج في «كان» ـ 1999)، فإنّ أغلب شخوص الفيلم نسوية. تشارك في التمثيل أنجيلا مولينا، وروسي دي بالما، ولولا دويناس اللواتي يتناوبن على تقمّص دور شخصية واحدة متعددة الأوجه (سمراء حزينة ومحبطة تارة، وشقراء غبية وسعيدة تارة أخرى) ومتقبلة الطباع (ملاك يفيض حناناً حيناً، وامرأة أنانية بلا قلب أحياناً). أما التيمة المركزية للفيلم، فتتعلق بالإشكالية الأزلية لتحطّم الحب بفعل تدّخل طرف ثالث خارجي لتعكير صفو عاشقين.
الدنماركي لارس فون تراير (السعفة الذهبية في «كان» ـــ 2000، عن «الراقصة في الظلام»)، يعود بعمل جديد هو Antichrist، تتقاسم بطولته الفرنسية شارلوت غينسبور، والأميركي فيلام دافوي الذي مثّل سابقاً تحت إدارة فون تراير في «ماندرلاي» (2005). وفق ما صرّح به صاحب «تكسير الأمواج»، فإن عمله الجديد عبارة عن «فيلم رعب ذي منحى شيطاني»، تدور أحداثه على خلفية قصة درامية لزوجين يقرّران الانعزال في كوخ مهجور وسط الأدغال، إثر مقتل ابنيهما في ظروف غامضة.
من جهته، سيقدّم البريطاني كين لوتش (السعفة الذهبية ــــ كان 2006» عن «الريح التي تهزّ الشعير») فيلمه الجديد «بحثاً عن إريك» المستوحى من سيرة لاعب كرة القدم الفرنسي إيريك كانتونا الذي تحوّل إلى التمثيل بعد تقاعده من الملاعب، وسيؤدي دوره بنفسه في الفيلم. وبالتالي سيكون حاضراً في «كان»، على غرار زميله مارادونا الذي كان لحضوره ألق مميّز في دورة السنة الماضية، حيث عُرض الفيلم الذي اقتبسه عن سيرته السينمائي البوسني أمير كوستوريتسا.
صاحبة «البيانو» (التي كانت أول امرأة نالت السعفة الذهبية في «كان 1992»)، النيوزيلندية، جين كامبيون، ستعود هذه السنة في «النجمة المتلألئة». الفيلم الذي يسجّل عودة كامبيون إلى السينما، بعد غياب خمس سنوات (فيلمها الأخير Into The Cut يعود إلى عام 2003)، مقتبس عن سيرة الشاعر الرومانسي البريطاني الكبير جون كيتس (1795 ـ 1821)، الذي غيّبه الموت باكراً في ظروف درامية. إذ توفي بالسل الرئوي في روما، وهو في سن الـ 26.
أما الأميركي كونتين تارنتينو (السعفة الذهبية في «كان 1994» عن Pulp Fiction)، فيسابق الزمن لاستكمال مونتاج Inglourious Basterds (السفلة المجهولون) الموعود بأن يكون فيلم الافتتاح في هذه الدورة من «كان». والشريط مقتبس من إحدى كلاسيكيات سينما الحرب: «حفنة من الأوغاد» (إخراج إينزو كاستيلاري ـ 1977)، ويروي قصة تجنيد حفنة من أعتى المجرمين وأصحاب السوابق في فرقة كوماندوس خاصة لمواجهة النازية، خلال الحرب العالمية الثانية. وتتقاسم أدوار هؤلاء «الأوغاد» حفنة بارزة من النجوم، بينهم براد بيت، وتيم روث، ومايكل مادسن، وآدم شاندلر.
السينمائي المكسيكي المميّز أليخاندرو غونزاليس إيناريتو، صاحب رائعتي «21 غراماً» و«بابل» (جائزة أفضل إخراج في «كان 2006»)، سيدخل السباق على «السعفة الذهبية» هذه السنة بفيلمه Biutiful الذي يتقاسم بطولته اثنان من أبرز نجوم السينما اللاتينية: خافيير بارديم (بطل رائعة الأخوين كوين «لا بلد للعجائز» ـــ 2007) وغاييل غارسيا بيرنال (بطل رائعة ألمودوفار «سوء تربية» ــــ 2004). وكالعادة في سينما إيناريتو، يرصد هذا الفيلم سلسلة من الأحداث المتباعدة التي لا صلة بينها ظاهرياً، لكنها تتشابك تدريجاً لتتقاطع عبرها مصائر شخوصها. والقصة هناك تدور على خلفية علاقة إشكالية بين صديقَي طفولة أصبح أحدهما ضابط شرطة فيما تحوّل الثاني مهرّب مخدرات.
التركي فاتح آكين، الحائز جائزة أفضل سيناريو («كان» 2007)، عن «في الجهة الأخرى»، يعود بفيلم Soul Kitchen الذي يتناول أوساط فن الطبخ الراقي. وفي العوالم ذاتها، تدور أحداث الفيلم الجديد لصاحب «الحالة الغريبة لبنجامين باتن»، الأميركي ديفيد فينشر الذي سيأتي ليجرّب حظه مجدداً على الكروازيت، بعدما عاد بخفّي حنين، قبل عامين، رغم الحفاوة النقدية التي استُقبل بها فيلمه «زودياك». وسيقدّم في دورة هذه السنة جديده Chef الذي يروي قصة طباخ فرنسي (يؤدي دوره بطل ثلاثية «ماتريكس» كيانو ريفز) يفتتح مطعماً في نيويورك لتصدير الطبخ الراقي الأوروبي إلى بلد «الهامبرغر».
السينمائي الفرنسي الكبير جاك أوديار، صاحب رائعتَي «انظر إلى الرجال وهم يسقطون» (1994 و«توقف قلبي عن النبض» (خطف 8 جوائز «سيزار» ــــ 2006)، وحائز جائزة أفضل سيناريو في «كان 1996» عن فيلمه «بطل خجول جداً»، سيعود هذه السنة بجديده «نبي». يروي الشريط قصّة شاب من أصل عربي يُحكم عليه بالسجن ستّ سنوات، بسبب جنحة صغيرة، فيجد نفسه مهدداً من عصابتين تتنازعان النفوذ داخل السجن: الأولى تتكون من انفصاليين كورسيكيين، والثانية من متشددين إسلاميين. لكنّ هذا الشاب سرعان ما ينجح في انتزاع النفوذ منهما، عبر تأسيس عصابة أقوى.
ومن المفاجآت السارة الأخرى في هذه الدورة، أنّ السينما الإيرانية تسجل عودتها إلى الكروازيت بعد ثلاثة مواسم من الغياب، من خلال Summer 53، وهو الباكورة السينمائية لشيرين نشّاط، القادمة من عالم التصوير والفيديو. حقّق معرض صورها الأشهر «نساء الله» نجاحاً عالمياً، في 1997.

إيليا سليمان ومرزاق علواش و... مروان حامدالفلسطيني إيليا سليمان الذي حاز جائزة لجنة التحكيم عن فيمله «يد إلهية» («كان» 2002)، يُرتقب أن يسجّل هذه السنة عودته إلى الكروازيت، بعد غياب سبعة أعوام، ليقدّم فيلمه الجديد «الوقت المتبقي» الذي صُوِّر خلال الصيف الماضي بين حيفا وباريس ونيويورك، ويروي قصة ستين سنة من الشتات في حياة عائلة فلسطينية.
الجزائري مرزاق علواش الذي اكتشفته رائعته «عمر قتلاتو» في تظاهرة «أسبوع النقاد» (كان 1977) ، ثم احتضنت الكروازيت عدداً من أشهر أفلامه («باب الواد سيتي» ـ 1994، «سلاماً يا ابن العم» ـ 1996...) يُرتقب أن يعود هذه السنة بجديده «حرّاقة، اللآلئ السمراء» الذي تَشارَك في كتابة قصته مع الروائي رشيد بوجدرة (صاحب سيناريو «وقائع سنوات الجمر» للخضر حامينا، الذي ما زال حتى اليوم الفيلم العربي الوحيد الحائز «السعفة الذهبية» في «كان 1974»). ويروي هذا العمل الجديد لصاحب «عمر قتلاتو» في قالب تراجي ـ كوميدي، مغامرات مجموعة من «الحرّاقة» (المهاجرين السرّيين) الجزائريين الذين يغامرون بحياتهم من أجل العبور إلى الضفّة الأخرى للمتوسط.
ومن المرتقب أن تسجّل السينما المصرية عودتها إلى المسابقة الرسمية في «كان» بعد خمس سنوات من الغياب (آخر مشاركة مصرية في التشكيلة الرسمية كانت «باب الشمس» ليسري نصر الله ـ 2004)، من خلال فيلم «إبراهيم العبيد» للمخرج مروان حامد (بطولة محمود عبد العزيز، وأحمد السقا، وهند صبري). ويُقال في كواليس المهرجان إنّ هذا العمل الجديد لصاحب «عمارة يعقوبيان» لقي استحساناً كبيراً من لجان اختيار الأفلام التي يرأسها المفوّض العام للمهرجان، تيري فريمون.